- محمد ناجي أحمد
الاستعراضيون تجذبهم ثقافة الأغلفة ، بوعي يماثل باعة الكتب وإعلانات دور النشر ،لهذا يصعب مجاراة كم ما يقرؤنه منها، لكنهم بالتأكيد يقدمون خدمة تطوعية للقارئ النقدي…
أتذكر صديقا لي كان يكتب عمودا بعنوان (أغلفة ومتون) في تسعينيات القرن العشرين،في ملحق الثقافية-قبل أن يصبح صحيفة مستقلة- كنت وسيطه لدى سمير اليوسفي مشرف الملحق كي يعطيه ذلك العمود ، وهو لم يقصر ب(الوفاء) فقد كان لي عمود في الصفحة الأخيرة لذلك الملحق بعنوان (جموح الروح ) ثم (مشاهد العقل) وكان صاحبي حريصا على الانتقاص منه وإلغائه !
كانت الأغلفة تمتص وعيه وقدراته فلا يصل إلى المتن إلاَّ وقد صار منهكا وغير قادر على الولوج إليها، تلك ممكناته المعرفية التي ظلت مسيطرة عليه منذ بداياته التأسيسيه وحتى أوهامه التأصيلية للذاكرة والفكر، فصاحبي حين يكتب عن المدن بوعيه الريفي يكتب عنها بوعي الاستشراقي الذي لا يفقه ثقافة وجماليات الأمكنه…
يبدو أن ثقافة الأغلفة وهي بالتأكيد (ثقافة الاستعراض) في (مجتمع الفرجة)، كمنهج تربوي تناسل منه الكثير من الاستعراضيين- ثقافة هشة لا تتجاوز العتبات ، تزعم الحداثة ولا تغادر قشرتها!
ما قلته سابقا لا ينطبق فحسب على نبيل البكيري واستعراضه لأغلفة التاريخ السياسي في اليمن، فقد كان نبيل نموذجا لمثقفي الأغلفة،فحين يكتب عن كتاب ما لا يقدم معرفة نقدية بل احتفائيات دور النشر وباعة الكتب، وهي طريقة خبرتها حين كنت أبيع المجلات والصحف أواخر سبعينيات القرن العشرين-لكنه ينطبق قبل ذلك وبعده على العديدمن مثقفي اليسار ، الذين أنتجتهم ثقافة الأغلفة ، ولم تكن المتون سوى طواف مبتسر !