- كتب: فارس العليي
تعرضت رضا يحيى الحشف، (40 عاماً) لتشوهات خُلقية عدة، جعلتها لا تستطيع النظر سوى بعين واحدة، ولمسافة قصيرة. ففي طفولتها أصيبت قزحية عينيها بتلف خطير سبب لها ضعف في الرؤية، واضطراب هرموني أثر على نموها. لكنها لم تستسلم يوماً لنصائح الأطباء بالبقاء هادئة، واستطاعت تحقيق جلّ أحلامها، برغم المرض الذي ما زلت تعاني منه حتى الآن.
تعيش رضا في مدينة حجة شمال غرب العاصمة صنعاء. وهي السادسة بين أخوتها في أسرتها المكونة من 13 فرداً. أكملت تعليمها الأساسي والثانوي في مدارس حجة، وبرغم الصعوبات التي كانت تُعيقها عن الكتابة والقراءة، إلا أنها كانت تجد مع زميلاتها ومدرسيها وسيلة ما لتخطي ذلك.
تقول رضا : “غالباً كان امتحاني الشهري شفوي مما سبب لي ضعف في الإملاء، وفي الامتحانات الفصلية كانت تكتب لي أحد المعلمات بتوجيه من الإدارة والكونترول، وفي أول ثانوي أصريت أن أبدأ الكتابة بنفسي وتمكنت من مسك القلم بيدي لأول مرة”.
وتضيف: “كنت أعتمد دائماً على اخذ الأشياء ومناولتها بقدميي، لكن أمي استمرت في مراقبتي وجعلتني استخدم يداي الضعيفتين”.
بجرأة كبيرة، قاومت رضا صعوبات الحياة والمرض ونظرة المجتمع، تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، وأصبحت نموذج نسوي يحتذى به: “كان كل همي مُركز على التحصيل العلمي كي انجح واثبت للجميع إني لسُت عاجزه عن شيء، كانت مرحلة تحدي عندي، حتى انني لم أصادق زميلات وبدون علاقات حتى تخرجت من الثانوية”. قالت رضا.
انهت تعليمها الجامعي وحصلت على البكالوريوس في الحقوق من جامعة العلوم والتكنولوجيا في العاصمة صنعاء، وأصبحت معلمة ناجحة في احدى مدارس حجة، إذ تمكنت بمشاركتها الفاعلة العمل على تطوير جودة العملية التعليمية. نظراً لكونها ذات شخصية حازمة ومبتكرة. ومؤخراً حصلت على الرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلي، ما جعلها مسؤولة إدخال بيانات الطالبات لجهاز الحاسوب في المدرسة.
واليوم، تشعر رضا بالسعادة لكونها تساهم في مساعدة مجتمعها، من خلال تفاعلها مع برامج وأنشطة الحكومة والمنظمات غير الحكومية لإنجاح المبادرات والفعاليات داخل الفضاء المدرسي، وهي بذلك تمنح ذوي الاحتياجات الخاصة دعماً نفسياً يساندهم على تخطي الشعور بالنقص والاستسلام، ويحثهم على تخطي العزلة لتعزيز إدماجهم اجتماعياً وتقلدهم مناصب قيادية وفي الحياة العامة والخاصة.
لكنها بدت منزعجة وخائفة من تفشي فيروس كورونا المستجد، وما أعقبه من إيقاف الدراسة واغلاق المدارس في جميع المناطق، ومنها المدرسة التي تعمل فيها في حجة. “أنا قلقة جداً على الطالبات اللواتي لم نمتحنهن نهاية العام، تمنيت لو اننا اختبرناهن”. قالت رضا ذلك بانكسار حزين.
- عن “صوت انسان”