- سناء مبارك
سافرتُ البارحة للمرة الأولى منذ مارس الماضي في رحلة طويلة من ألمانيا إلى اسطنبول ثم إلى القاهرة، وهذه ملاحظاتي:
- مطارات أوروبا خاوية على عروشها، الطوابير الطويلة والإجراءات المطولة أصبحت من الماضي، لوحات الرحلات التي كانت تملأ الشاشات أصبحت معدودة بعدد أصابع اليد والكثير منها ملغي.. شعرت وأنا أمشي في الردهات الخالية والممرات الصامتة أني فعلًا في أحد تلك الأفلام التي تحدث فيها كوارث فتخلو المدن وتتحول لبيوت أشباح.
- فحص ال PCR في السفر، أهم منك شخصيًا، تم التدقيق فيه مرة عند إجراءات التفتيش على الوزن، ومرة قبل صعود الطائرة في برلين، ومرة في الترانزيت ومرة قبل الإقلاع من اسطنبول ومرة في القاهرة، في الرحلة من اسطنبول إلى القاهرة تم منع عائلة مغربية من السفر حتى بعد أن قاموا بعمل ال check in بسبب عدم امتلاكهم لفحص يثبت خلوهم من كوفيد ١٩. علمًا بأن نسبة الخطأ فيه ٣٠٪.. بمعنى أن ٣ من كل ١٠ اخطأهم الفحص وظهرت نتائجهم سلبية هم مصابون حقًا.
- جلس بجانبي رجل يسعل، فأدركت تفاهة الخوف القديم من فكرة سقوط الطائرة أو رهبة المطبات الهوائية ?.
- يتدرج مستوى الجدية في التعامل مع الفايرس حسب المناطق وتتضاءل الأهمية التي يوليها الناس بالإجراءات الاحترازية من برلين وصولًا للقاهرة.
في مطار برلين-براندنبورغ تحوم الشرطة وتعطي الأوامر بارتداء الكمامات والتهديد بالغرامات طوال الوقت، مع إن الجميع يرتديها باستمرار.. يقف الناس على مسافات أمان وضعت إشاراتها على الأرضية.. وتستخدم محاليل التعقيم الموجودة تقريبًا في كل شبر، في كل كبينة في الطائرة يجلس اثنان متباعدان في صف المقاعد الثلاثي.
في مطار اسطنبول تشعر بخدر نفسي يجعلك تتمتم بلا وعي “أمان ربي أمان”..تطالع الناس من حولك يتزاحمون بلا قلق ولا أحد يصرخ في وجهك إن قررت انتزاع الكمامة التي لا يرتديها الغالبية.. في الطائرة جلسنا ٣ بجانب بعضنا انفاسنا امتزجت بكل ما قدر الله.. مطار أتاتورك جميل ومترامي ولكن العاملون فيه منتقون بعناية من جوف الجحيم.
في القاهرة يرفع الناس شعار “توضع القوانين لكي تُخالف”، وقفنا في طابورين طويلين في مكان ضيق قبل أن نصل لختم الجوازات، كتب على المدخل الحجر الصحي، تزاحمنا بكل ما أوتينا من قوة والذي لم يكن قد أصيب فينا قبل “الحجر الصحي”، أظن أنه سيفعل بعده. في مطار القاهرة تطالعك التعليمات في كل مكان ووضعت لهذه الغاية النبيلة بالفعل علامات على الأرضية لأجل التباعد الاجتماعي، ولكن أظن أن الناس، كما في اليمن، يظنون أنهم سيقتلون المرض بالتجاهل، فلربما مات كمدًا.
حفظ الله بلادنا وكل العالم.