- هشام محمد
تمثل المجتمعات في حالتها الاعتيادية المستقرة نظما اجتماعية وسياسية سارية على افرادها، وأي محاولة لتجديد وتصحيح هذه الأنظمة أو تغييرها يعده المنتفعون منها إعتداء على مصالحهم
القائمة، ولأجل الحفاظ على تلك المصالح سرعان ما يلجأون إلى إلتماس حماية
الأيديولوجيا – القادرة على تفكيك واختراق العصبيات المناطقية أو القبلية – بإستعطاف وتحريض المجتمع الغيور على عقيدته أولاً، واعتبار الدعوات
المنادية بالتغيير أو الإصلاح تستهدف تقاليده ثانيا.
وفي العادة تأتي
محاولات التغيير عند المجتمعات بعد تنامي الشعور العام تجاه مشاكل محددة
عجز النظام القائم على إيجاد الحلول لها، واستجابة لنداءات بدأت خافتة في
بدايتها؛ ثم استطاعت أن تكشف للمجتمع عن حلول متاحة بين يدي القوى المهيمنة على السلطة ولايمنعها إلا مصالحها المرتبطة بالوضع القائم.
في
المجتمعات الأكثر انغلاقا ثقافيا – كاليمن – يكون الناس كأفراد أكثر
انجذابا نحو الطرف الأكثر بريقا والأعلى صوتا، وذلك لا يسري على التجمعات
السكانية كافة.. فالتجمعات السكانية الأكثر مدنية تكون أكثر تعاطيا مع فكرة التغيير وفيها يكون الفرد أكثر قدرة واستجابة للتغيير، بينما تغيب شخصية
الفرد ورأيه في المجتمع المغلق كالقبيلة لأن الموقف يكون معنيا بموقف
المجتمع المحيط المعني بتحقيق مصالحة، ولذلك تجتهد السلطة والقوى المستفيدة من الوضع القائم على تقسيم المجتمع المدني بإحياء الإنتماءات المناطقية
والعصبيات الجغرافية واستخدام الدين والمفاهيم الوطنية لحشد العاطفة
الشعبية
ان فكرة التغيير التي تعتمد على توعية المجتمع من خلال
أفراده تبدو أكثر رسوخا على المدى الطويل، ففي الوقت الذي تتحول فيه إلى
أيديولوجيا ستكون قادرة على تفكيك المجتمع المغلق، وسيساعد في ذلك كون
المجتمعات المغلقة لا تستطيع أن تحافظ على عزلتها في ظل احتكاك افرادها
بالعالم المحيط، وانفتاحها على العالم وتجاربه الإنسانية، بل إن تكرار
تجاربها في الوقوف المعتاد مع السلطة الحاكمة التي تكرر استغلال العصبيات
القبلية والدينية والادعاءات الوطنية للحفاظ على السلطة مقابل مصالح محدد
تجنيها سيعمل على خلخلة تماسك المجتمع المغلق وفقدان كثير من قوته التي
تستند إليها زمرة الحكم.
……