- ضياف البراق
هذا اليوم 21 / سبتمبر هو يوم السلام العالمي. مناسبة رائعة جدًّا، مع أنها لا تفيدنا شيئًا سوى تذكرينا بأننا نستطيع التحدث جيدًا أو كثيرًا عن السلام، ولكننا لا نستطيع تطبيقه في حياتنا الواقعية، أو بالأصح لا نرغب بذلك.
الجميع يتحدث كثيرًا عن أهمية السلام، ويدعو إليه، ولكن من باب التسلية أو المغالطة أو للفت انتباه الآخرين. الجميع يحب السلام ويتصارع مع الجميع لأجل السلام.
هناك من يقتل أخاه أو شعبه، ثم يدعوه إلى السلام. أو يدعوه إلى السلام لكي يقتله بشكل لا يتنافى مع قواعد السلام. وهناك من يقتل ملايين البشر من أجل السلام. وهناك أيضًا من يدعوك إلى السلام لأنه عاجز عن قتلك لا أكثر.
نوع آخر من الناس يقتل السلام بحديثه عنه، أو بدعوته إليه.
السلام شعار جيد نرفعه حين نقتل خصومنا؛ لتفادي إدانة الناس أو عقوبة
القانون. أن تضع مسدسك جانبًا، وتضع شيئًا من السم بين طعام أحدهم، فقط
لأنك تتقزز من رؤية الدم. أو ربما لأنك تفضل الهدوء في القتل. أنت، بهذا
الأسلوب الهادئ، إنما تنشد السلام. أن تنسف السلام من جذوره، وتعتقلني
وتعذبني كي لا يتضرر السلام. هذا هو السلام من أجل السلام.
السلام هو أن تضرب رأسي بمطرقة خفيفة لا ثقيلة، كي لا يسيل الكثير من دمي. هو أن تقتل قلبي أولًا، ومن ثم تدعوني إلى الحب. أن تقبل بي أعيش معك بشرط ألا أتكلم بما لا يعجبك أو يزعجك. أن تطلق عليّ النار.. ثم تطلب سيارة
الإسعاف لأجلي. أن تسلب كرامتي لتعطيني ما يكفيني من الخبز والهواء. أن
تقتل زوجتك خنقًا.. كي لا يسمعك جارك ويقول إنك ضد السلام.
أن تعطف عليَّ أمام العامة، أو الكاميرا، أو الأصدقاء، وتقسو عليَّ عندما لا يراك أحدٌ سواي.
أن تجوِّع أطفالك وترغمهم على الصمت أثناء شعورهم بالجوع، أو تمنعهم من
التسول، فهذا هو السلام. أن تمنعني من أجل السلام، من الكتابة عن
الانتهاكات التي تقوم بها أنت ضد الحقوق والحريات والسلام.
أن تقتل
مستقبلي لتنعم أنت وأجدادك وأجداد أجدادك بالسلام. أن تحرمني من أشياء
أساسية كثيرة، وتحذِّرني من التدخين؛ لأنه يسبب الوفاة المبكرة. هذا هو
السلام. السلام أن تمنع الاختلاط، وتقتحم بيوت معارضيك. أن تهدم المدارس
وتبني السجون، لمحاربة أعداء السلام.
أن تحدثني عن الأمل أو تدعوني إليه، فيما أنت تصيب حياتي باليأس. أن تسمح لي بالكراهية، ولا تسمح لي بالحب. كذلك، هذا هو السلام.
السلام أن تقتلني لكي تعيش أنت بسلام. أو أن أقتلك لكي أعيش أنا بسلام.
السلام، أن تهين غيرك لتشفق عليه أمام غيرك.
السلام هو أن تقتل ما لستَ تُحِبه، ولكن ليس بالرصاص. السلام هو أن تهديني الوردة بعد أن تنزع العطر منها. العطر لك أنت، أمّا أنا فلي الغلاف الذابل الجاف. السلام هو أن تظلمني في حياتي، وتطلب مسامحتي بعد موتي. أن تفقأ عيوني.. ثُمَّ تشعل بيتي أو طريقي بالكهرباء. أن تقف معي حين ترى أنني لم أعد بحاجة لذلك. أن تقتلني لتحمل جنازتي وتترك أطفالي وحيدين. السلام سهل دائمًا.