- نبيل الشرعبي
ويلازمني منذ طفولتي حتى الأن وسيظل حتى توديع الحياة.. هو أثر جرح في منتصف شفتي العليا إذ انشطرت نصفين جراء سقوطي في أحد أيام طفولتي وأنا اتسلق خفية جدار مرتفع ومعي قطعتي حلوى كانت نصيبي منحتني إياها والدتي حفظها الله وعافاها، فتظاهرت بأني أكلتها وما أن انشغلت بعمل في البيت، تسللت خفية وتسلقت الجدار كي أصل إلى مجموعة كلاب صغيرة وأقدم لهم الحلوى لأتي كنت أشعر بالسعادة عندما يتسابقون نحوي للحصول على الحلوى التي عودتهم عليها قبل ذاك اليوم.
وقبل أن أصل سقطت من على الجدار ووقعت على فمي وانشطرت شفتي نصفين، ورغم نزيف الدم لم أبالي بل عاودت تسلق الجدار مرة أخرى ووصلت إلى كلابي الصغيرة وأنا اضغط بيدي على شفتي وباليد الأخرى أقدم لهم الحلوى.
في ذاك اليوم شعرت أن الكلاب الصغيرة وهي تشاهدني أنزف لم تكن سعيدة كعادتها، وما أن أنهيت تقديم الحلوى لها ودعتها عائدا، ولكنها وعلى غير العادة أصرت على مرافقتي رغم محاولتي الحثيثة منعها.. رافقتني حتى باب منزلنا ولمحتني أمي حفظها الله وكان في يدها إناء رمته على الأرض وهرعت نحوي لتحضنني وتسألني ماذا حدث لك؟.
حاولت اخفاء الأمر ولكن كلابي الصغيرة فضحتني عندما بدأت برفع أصواتها واقترابها مني، أخبرتها بما حدث، وبعد أن أجرت لي تضميد أولي لشفتي، قالت لي: شكل الكلاب الصغيرة حلوة سنتركها هنا في “الحوية” أي حوش الماعز.. لحظات سعادة لم أنسها حتى الأن وأمي تسير بجانبي إلى “الحوية” والكلاب الصغيرة ترافقنا..
خضعت لعملية خياط لشفتي العليا ولم أشعر بألم؛ جراء السعادة التي فاقت الألم برؤية الكلاب الصغيرة والجميلة بالقرب من منزلنا كي أطمئن دوما عليها.
قوة الهشاشة
...
Read more