- كتب: د عبدالعزيز علوان
مابعد ثبات ضحايا المشفى المعمداني خصوصا ومحاولة تسوية غزة بالأرض.. صارت الرسائل الموجهة إلى دوائر المجمتع الدولي (المجتمعات التي تدعي حفظها لحقوق الانسان) التي تكتب أو يشار إلى جزء منها باللون الأحمر.. تحمل دلالات اللون المصبوغ بالدم الفلسطيني كعلامة مميزة لوضعها الإنساني الأكثر إيلاما لهذه المجتمعات جراء الصعفات الإسرائيلية التي تنهال على خديه الدولي الراعي لحقوق الانسان، عبر الهجمات الانتقامية بكل جبروت القبة الحديدية.. التي تشنها على فلسطين أرضا وإنسانا وكائنا حيا.
فهذا اللون داكن الإحمرار لأنه كَتب بدماء جنين فلسطيني لحظة الاجهاض، وهذه التقارير كتبت بدم فلسطيني عالي النقاوة وأخرى كتبت بدم يتدفق بإحمرار الحياة الفلسطينية، والفا كتبت بدم مختلط بإصفرار العمالات العربية للصهيونية العالمية بأيدي عملائها الاقليميين من حكام ومسؤولي منظمات دولية، وعشرات الآلاف تبوح بهمجية التوجع المختلط باصفرار خدود الصفعات على جانبي الوجه الدولي
وما لا يعد من الرسائل يشي حبرها الدامي بتضحيات الأمومة ومغامرات الأطباء، الممرضون، عمال الدفاع المدني، الدماء التي أصبحت موجبة للصلاة.
وتلك مئات الآلاف المصبوغة بحبر النشيد الفلسطيني المرفرف عاليا كشلالات نور يضيء الدرب الفلسطيني ونارا تلفح وجوه قرائها..
وتلك التي لا تعد يتمازج بين سطورها الدم صبرا من أيام صبرا ثم يصبح شلالا من دماء شاتيلا ودير ياسين وبيروت وكل المجازر التي أرتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني والعربي منذ الاحتلال.
وفي دلالة جانبية فإن مئات مئات الآلاف من الرسائل، ومئات المئات من آلاف أخرى من تقارير البغي الأسرائيلي اليومي تسبح في مستقعاتها الدموية ذات السبق الصحفي.. تقارير القنوات الفضائية.. الأنظمة العربية، والدولية، التي تتمنطق بحق الفيتو.. وهناك عشرات الملايين من الرسائل يُرى فيها الدم الفلسطيني واضحا بنقائه غامضا برمزية حيويته سواء كان تحت الأنقاظ او تحت الأنفاق الكمومية الفلسطينية (حماس) أو في نهدة أم عربية أو حتى بعض أمومة المجتمع الدولي السلمي.
السفارات صارت أكثر خوفا من ذي قبل، فالدم الفلسطيني الذي يطاردها في كل دولة يصيبها بغشاوة الرؤية والقلق اليومي فضيع الاحتمال.
ومع تزايد هذه الرسائل المتدفقة بالدم الفلسطيني المنطلقه من ديمومة أوردة النضال، والتشبث بالحق الوجودي، و كذا من رسوخ المعتقد بان الصراع الوجودي بين الخير والشر، وبين الحق والباطل، وبين الوطن والمحتل، هو أساس البقاء على هذه الأرض التي قال عنها محمود درويش:
عَلَى هَذِهِ الأرْضِ مَا يَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ: عَلَى هَذِهِ الأرضِ سَيَّدَةُ
الأُرْضِ، أُمُّ البِدَايَاتِ أُمَّ النِّهَايَاتِ. كَانَتْ تُسَمَّى فِلِسْطِين. صَارَتْ تُسَمَّى
فلسْطِين. سَيِّدَتي: أَستحِقُّ، لأنَّكِ سيِّدَتِي، أَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ
وكما لم يُحَصن الجدار العازل والقبة الحديدية المواطن الإسرائيلى في الأراضي المحتلة، ناهيك عن القادة العسكريين، وأعضاء الحكومة والكنسيت فإن الوضع الاسرائيلي يصبح أكثر شماتة في الأوساط الدولية إذ يظل ويمسي فيها أي شخص ينتسب لهذه الدولة الصهيونية في أية شارع من شوارع المجتمع الدولي -الذي يكيل انسانيته بأكثر من مكيال.. خائفا يترقب الطعنات واللعنات.
وصارت سفارات الهمجية الإسرائيلية معرضة للاقتحامات، وباتت عروش الحكام العرب عملاء هذه الصهيونية تتزنح في الوحل، وكأنها خارجه للتو من أواخر مراقص الليل الإسرائيلي.
تلك أحوال المجتمع الدولي الذي أصبح يرى أن الكتابة باللون الأحمر يحمل الدلالة الفلسطينية في يوميات تعاملاته، ولذا فقد يصدر تعميماته على أن الكتابة باللون الأحمر مجرمة دوليا.
وقل ما تشاء على تعميمات رؤساء ملوك ومشائخ الدول العربية التي أصبحت ترى أن هذا اللون في مراسلاتها الدولية والحكومات البين بينه لا يشير سوى إلى انتهاك رجولتها إلى أقصى حد ومع ذلك تستمتع بإسترساله.
يقول البردوني:
وانزرعْنا تحت أمطار الفَنَاء
شجراً مِلءَ المَدى … أعيا الزَّوالْ
شجراً يَحضِنُ أعماق الثَّرى
ويُعير الريح أطراف الظّلالْ
واتَّقدنا في حشا الأرض هوىً
وتحوَّلنا حقولاً … وتلالْ
ويقول في قصيدة أخرى عن أطفال غزة الذين صاروا كبارا لا يرقى إلى أخمص أقدامهم العلو الإسرائيلي بكبريائه الدولية:
مابال مَن دَفنتمو
قاموا كأن لم يُخنَقوا
ومَن هدمتم فوقهم
بيوتهم لم يَزهَقوا
أجاء منهم مثلهم
أم الحِمام أرفقُ؟
هل شمتمُ مَن يتّقي
نيرانكم أو يَفرَقُ
فشقِّقوا رصاصكم
فيهم فلن يتشقَّقوا
لأنهم مِن ناركم
أقوى ومنكم أصعَقُ
- تعز 18/10/23