- ضياف البراق
الظلاميون هم أخطر الناس على الأوطان، والحياة كلها. إنّ وظيفتهم الرئيسة – وعددهم كبير جدًّا في مجتمعنا (الحداثي!) – هي إنارة الحياة بظلامهم الشديد، وتعميرها بحقدهم التخريبي المقدس، وهرائهم التجهيلي القمعي. ما أعظمهم وهم يصنعون مجدنا الهُرائي الكبير، ويغتالون رحيق كل زهرة وضوء كل شمعة في كل يوم من حياتنا، رافعين راية الأمة تحت أقدامهم المباركة!
بالأمس القريب جدًّا، أحد الظلاميين قام بتكفير الشاعر الجميل (صفوان المشولي)، وأباح دمه في بيان طويل عريض وشديد اللهجة؛ بسبب قصيدة صوفية عميقة تبعث على المحبة والجمال وحسب.
الشيخ (السلفي) الذي كفَّر شاعرَ القصيدة ودعا إلى محاكمته وفقًا لمبادئ الشريعة المحمدية، قال إنّ تلك القصيدة هي عدوان صريح على الذات الإلهية المقدسة. الشيخ، طبعًا، فسّرَ القصيدة بطريقة غبيّة ومتطرفة للغاية. حتى القصيدة لم تنجُ من غطرستهم!
إذًا، وبحسب رأي جارتي التي لا تقرأ ولا تكتب ولا تصلي، فإنَّ أعداء الله هم هؤلاء الذين يتكلمون باسمه ويحملون راية الدفاع عنه. المتدين الجاهل حينما يدافع عن الله، فإنّه يكفر به، بشكلٍ أو بآخر، ويهدم كل شيء جميل.
إنهم، دائمًا، يقولون للناس في خطبهم ومواعظهم المطاطية المقرفة: “إن اللهَ جميلٌ يحب الجمال”، وفي الوقت نفسه، يمارسون كل القُبْح في حق كل ما هو جميل.
ما أجملهم، يا إلهي!
ماذا لو كانوا يتقربون إلى الله بالقصائد بدلًا من فتاوى التكفير والأحزمة الناسفة؟!
وبينما الآخرون يخترعون طرائق وتقنيات جديدة للتفكير العلمي البنّاء، فإنّ هؤلاء (العباقرة!) يخترعون طرائق ومنابر جديدة للتكفير الهمجي الهدّام.
عندهم، التكفير يرضي الله ويبني الحياة، أمّا التفكير يغضبه ويهدم الحياة!
لن نكون طالما هؤلاء المعاتيه يعتقلون عقول شبابنا، وينخرون حياتنا ومستقبلنا من كل النواحي.
لا جحيم إلاّ هؤلاء…