- كتب: سعيد الصوفي
مع ولوج العالم إلى الثلث الأخير من العام الثالث من العقد الثالث للألفية الثالثة كيف يبدو الوضع في العالم وفي الوطن العربي؟!.
تبدو الصورة اليوم مليئة بالخدوش والتكسرات الواضحة حيث يشهد العالم حربٌ ضروس في أوكرانيا تقف فيها روسيا وحيدة في مواجهة تحالف عسكري غربي واسع يضم الولايات المتحدة وتحالف الناتو العسكري بالإضافة إلى أطراف أخرى كالاتحاد الأوروبي، وبريطانيا وحلفاؤهم من من خارج الناتو والاتحاد الأوروبي الذين يقدمون للحكومة والجيش الأوكراني الدعم الاقتصادي والعسكري بما في ذلك عقوبات اقتصادية وصلت إلى الحزمة الحادية عشرة، فيما تقف الصين ودول أخرى على الحياد، رغم التوترات المعلنة بين الولايات المتحدة وحلفائها مع الصين حول جزيرة تايوان التي ترى الصين أنها جزء من الأراضي الصينية فيما تقف الولايات المتحدة إلى جانب تايوان وترفض التهديد الصيني لها، وتشتعل احتكاكات في بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادي بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة والصين وروسيا من جهة أخرى في حين تتوتر الأجواء في شبه الجزيرة الكورية بين كل من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان من جهة مع كوريا الشمالية على خلفية استمرار كوريا الشمالية بإطلاق صواريخها البالستية وتطوير برنامجها النووي من جهة أخرى. في السودان لا تزال المواجهات المسلحة تجري بين قوات الجيش السوداني بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان من جهة وقوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو(حميدتي)، منذ الـ 15 من إبريل الماضي 2023، مع فشل متكرر للهدن التي تشرف على تنظيمها الوساطة الأمريكية السعودية. الهجمات الصاروخية الإسرائيلية على دمشق وبعض المناطق السورية مستمرة رغم عودة العلاقات السورية مع معظم الدول العربية واستعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية ورغم استعادة الجيش السوري لمعظم الأراضي السورية بدعم واسناد من الحلفاء في روسيا وإيران، لا تزال القوات الأمريكية تحتل مناطق وحقول النفط والغاز السوري في مناطق شمال غرب سوريا والقوات التركية تحتل مناطق شمال سوريا وتقدمان الدعم والمساعدات لما تبقى من الجماعات المسلحة. في إسرائيل لا تزال الأزمة البنيوية الداخلية حول التعديلات القضائية المطروحة من قبل حكومة نتنياهو اليمينية مستمرة وتزداد تعقيدا فيما تزداد سياسة القمع ضد الشعب الفلسطيني،وتتوسع البؤر الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالتزامن مع تطبيع العلاقات مع عدد الدول العربية . لبنان تعيش فراغا رئاسياً وأزمة اقتصادية طاحنة.
ويشهد اليمن، الذي يصنف حسب التقارير الدولية أكثر بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقراً في كل جوانب الحياة بمافيها شحة الموارد المائية، علاوة على ما يشهده هذا البلد من ازمة إنسانية تعد من أكثر الأزمات الإنسانية خطورة بحسب التقارير الإنسانية الصادرة عن الأمم المتحدة، وذلك بسبب الحرب الشاملة التي يتعرض لها هذا البلد الفقير منذ تسع سنوات متواصلة على المستوين الداخلي والخارجي وحصار شامل بري وبحري وجوي خارجي وداخلي وتدمير لكل مرافق البنية التحتية، حيث أصبحت البلاد ساحة لصراع اقليمي ودولي تتواجه فيه أطراف محلية وعربية واقليمية ودولية بالأصالة وبالوكالة، نتج عنها بحسب التقديرات الدولية مقتل 377.000 شخص حتى نهاية العام السابع من هذه الحرب القذرة والتي لا تزال مستمرة بشكل أو بآخرمع سقوط أعداد كبيرة من الضحايا غير المحسوبة، ومعظمهم من المدنيين.
السعودية التي شاركت في قصف وحصار اليمن على رأس قيادة تحالف عربي تحت شعار استعادة السلطة الشرعية التي اسقطتها جماعة أنصار الله (الحوثية) بالسيطرة على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014، تعرضت لهجمات متواصلة بالصواريخ البالستية والطيران المسيَّر من قبل جماعة الحوثي انطلاقاً من اليمن، وكذلك دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي الدولة الثانية في التحالف العربي،الذي يخوض حربه في اليمن، تلقت هي الأخرى بعض زخات من الصواريخ البالستية والطيران المسيَّر.
بفعل هذه الحرب الشرسة أصبحت اليمن ممزقة إلى كنتونات متصارعة جماعة الحوثي المدعومة إيرانياً تسيطر على العاصمة صنعاء ومعظم مناطق المحافظات الشمالية والغربية، ذات الكثافة السكانية العالية، بما في ذلك أكثر من مليون موظف حكومي لم يستلموا رواتبهم منذ سبتمبر 2016. الطرف الآخر هو ما يسمى بالحكومة الشرعية، المدعومة من السعودية وبقية دول ما يسمى بالتحالف العربي، ومعترف بها دولياً ، تسيطر بدعم عسكري من التحالف العربي على مدينة مأرب، الواقعة شرق العاصمة اليمنية صنعاء وعلى محافظات حضرموت والمهرة شرق اليمن، وعلى مدينة تعز وريفها الجنوبي جنوب غرب اليمن، والمجلس الانتقالي الجنوبي ، المدعوم إماراتيا يسيطر على خمس محافظات جنوبية وهي : عدن ، أبين ،شبوة ، لحج والضالع ، بالإضافة إلى جزيرة سقطرى الواقعة في المحيط الهندي، ويسعى لتخليص بقية المحافظات الجنوبية من تحت سيطرة ما يسمى بالحكومة الشرعية الخاضعة لسيطرة جماعة الإخوان المسلمين ، الذين لا يحظون بالثقة الكاملة من قبل دولة الإمارات والسعودية، ويتهمون بتلقي دعم اساسي من دولة قطر وتركيا.
الساحل الغربي لليمن يتقاسمه حالياً الحوثيون الذين يسيطرون على ميناء الحديدة، وقوات ما يسمى بحراس الجمهورية، المدعومة من الإمارات العربية المتحدة، وتسيطر على ميناء المخا وذباب والخوخة وباب المندب، بقيادةطارق عفاش نجل الرئيس السابق على صالح، الذي أطاحت به ثورة 2011 الشعبية من سدة الحكم ، وقتل في 4 ديسمبر 2017،في مواجهة عسكرية مع جماعة الحوثي، وهي الجماعة التي خاض ضدها ستة حروب في محافظة صعدة خلال الفترة 2004- 2010، وهي الجماعة نفسها التي تحالف معها بعد تسليمه للسلطة وفقاً لما سمي بالمبادرة الخليجية، التي رفضتها جماعة الحوثي، قبل أن يتحالف معها لمدة عامين، وذلك قبل اندلاع الخلاف بينهما وإعلانه تزعم انتفاضة عسكرية،ضد حليفه، في العاصمة صنعاء، ولكن الجماعة استطاعت أن تتغلب عليه وتقتله بعد حوالي ثلاثة أيام من المواجهة العسكرية، وأخذت جثته ولم تعلن عن مكان دفنها رسمياً، ولا يزال مكان دفنها مجهولاً حتى هذه اللحظة.