- محمود ياسين
كنت قد كتبت عن ضرورة اعتذار المجتمع لأبناء المهن الشريفة، من حلاقين وجزارين الخ.
لكن الآن أدعوكم أنتم يا أصدقائي هنا، لينشر كل منكم صورة له وهو إلى جوار أبيه يساعده في العمل، طبيبا كنت أو مهندسا او معلما أو كاتبا صحفيا، انشر صوتك في المحل الذي تربيت من ريعه، صورة لك أثناء تمجيد المهنة التي جعلت منك رجلا شريفا وناجحا، صورة وأن تضع بالطو الطبيب جانبا أو تخلع نظارة المهندس وتقوم بالعمل إلى جوار أبيك..
كيف تتجنب أن ترى حيث ينبغي أن تتفاخر، كيف تخفي احترامك لمهنتك الرائعة وانتمائك المتعافي وتريد من المجتمع اخفاء مرضه واعتلاله ؟
إذا لم تحترم مهنة أبيك ولم تتفاخر به، لا تنتظر من المجتمع أن يحترمك.
إن التنمر والتعالي على أصحاب المهن من جزارة وحلاقة ووو ، يأتي الآن والآن تحديدا وفي معظمه استقواء على من يخجل من مهنته ويحاول إخفائها، وهي مهنة جديرة بالاحترام بينما يتفاخر آخرون بقطع الطريق ونهب الناس والعيش على اقتصاد الغزو والغنيمة، أو مهنة نهب المال العام، وكأنها الطريقة المثلى لكسب العيش.
وأنت تخفي ملامح ابيك العظيم الذي وهو يقطع اللحم يوفر لك كل يوم سببا وضمانة للعيش الكريم الشريف..
قلها وتفاخر، واستعرض صورتك تعمل جوار أبيك او في محله الذي ورثته عنه، أنت بهذا التفاخر سترد له اعتباره، ومن هنا يبدأ التغيير..
التغيير الذي لم يبدأ في امريكا الا لحظة صرخة امرأة سوداء وهم يمنعونها من الحلوس على مقعد الباص: لقد سئمت هذا كله، عندها فقط بدأت حركة الحقوق المدنية في سبيل المساواة..
البارحة تناقل اصدقاء مضمون هذه الرسالة التي ارسلتها لهم في الخاص ونشروها واستجاب رجل واحد فقط، رجل جدير بالتسمية كونه اظهر الاحترام لمهنة ابيه وتفاخر بها واقام لهذا الأب عرشا من الإجلال والمهابة، رجل اسقط عن كاهله عبئ التخفي والخجل من مجتمع يفترض انه هو من يخجل من ازدرائه لهذه المهن.
اسمه علي سنان الزوري ، كتب تعليقا في صفحة عادل الأحمدي تعقيبا على هذه الرسالة التي نشرها عادل استجابة لطلبي، يقول الزوري: أنا فخور بنفسي، فخور بك يا أبي، ليس معي صورة لانشرها مع والدي اطال الله عمره، ونشر مع التعليق هذه الصورة التي أنشرها هنا، لك المجد يا علي سنان ولأبيك انحناءة تقدير وإجلال مني ومن كل إنسان يعلي من شأن الإنسان.
عندما تخجل من فضيلتك سيتباهى الآخرون برذائلهم..
اتخشى لو نشرت وتفاخرت وانت ناشط في وسائل التواصل، اتخشى أن يقتنصوك ويعيروك ؟ يالك من أحمق، ستكون عملية الفرز بعد اي معايرة قائمة على معيار، السوي والمريض، من يقدس العمل ويعلي من شأن الرجل الذي رباه، ومن يحقر المهن ويعلي من شأن رذيلة التمييز ، ستكون انت الحر الشريف وسيظهر الآخر بوصفه المريض الجدير بالازدراء عقابا على نزعته العنصرية..
هكذا يبدأ التغيير، فابدأها أنت يا صديقي
كن هناك ولو على سبيل العرفان..
وأكتب تحت الصورة: كم انا فخور بك يا أبي.