- بقلم: عمار الأصبحي
رئيس تحرير (بيس هورايزونس)

الإهداء: إلى أبي، أحد فدائي تحرير جنوب الوطن. سلام ورحمة تغشى روحه في الأعالي.
ما الذي حدث فينا؟ وما الذي نرجوه كيمنيين من الحياة حقًا؟
أسئلة تتناسل كل عام، كلما أقبلت علينا ذكرى من ذكرياتنا الوطنية، فتحولت احتفالاتنا إلى مشهد من المكابرة والمناكفة الجماعية، نغني فيه على أنقاض ما لم يتحقق!
إلى متى سنظل نهرب من مكاشفة أنفسنا ليستمر الغياب؟
نحتفل بذكرى ثورة 26 سبتمبر المجيدة، بينما لم يتحقق في الواقع أي من أهدافها الستة. نرفع الشعارات نفسها، ونستعيد الأناشيد نفسها، ونحن نعيش واقعًا يناقضها تمامًا… لا جمهورية حقيقية، ولا عدالة، ولا جيشًا وطنيًا موحدًا.
ونحتفل بذكرى 14 أكتوبر ضد المستعمر البريطاني، بينما نخضع اليوم لأشكال أخرى من الاستلاب والوصاية، تُمارس بأدوات محلية وواجهات وطنية.
استعمار لا يرفع راية، لكنه يسكن تفاصيل القرار ويسلبنا الموارد والمصير.
وكالعادة، يأتي عيد الوحدة في 22 مايو، فنحتفل والبلد في حال من التشظي والتمزق لم يشهد له مثيل.
يرفرف علم الوحدة في نشرات الأخبار، ويغيب عن الأرض والقلوب.
ثم يحل علينا عيد الجلاء، يوم طرد آخر جندي بريطاني من عدن، بينما القهر هنا يُجلي الحياة من البلد، ويتركنا أسرى العبث والفقر والاغتراب.
هكذا، كل عام نحتفل ونكابر ونرقص على وقع ذكريات مهدرة، كأننا نخشى مواجهة الحقيقة!
نعم، ندرك أهمية أعيادنا كمشاريع وطنية جامعة، وذكريات توقظنا وتوقد فينا شعلة الأمل.
لكن يجب ألا نتجاهل أننا اليوم نعيش حالة انفصام وطنية رهيبة بين ما نحتفل به وما نعيشه… بين الشعارات والواقع، بين الحلم والخذلان.
باختصار، إن البداية الحقيقية للخلاص تكمن في إعادة المعنى إلى ما نحتفل به، لا بتكرار الاحتفالات.
وعلينا أن نجعل من كل عيدٍ وطني محطة مراجعة ومسؤولية، لاستعادة جوهر ثوراتنا وبناء وعي جديد.
فالأوطان لا تُستعاد بالأناشيد، بل بالصدق مع الذات والعمل من أجل غدٍ يليق بالاحتفاء.
وسلامتكم.