- أحمد السلامي
نحن بحاجة لوضع مسألة بقاء (الوحدة اليمنية) في سياق آخر لا يعتاش على
العاطفة فقط؛ ولا على التعصب البدائي لفكرة اليمن الموحد بأي شكل وبأي ثمن
ومهما كانت النتائج!
إذ لمصلحة مبدأ الوحدة ذاته؛ نحتاج إلى تفكيك
ودراسة الأثر السلبي للإعتماد على العاطفة وحدها؛ أثناء مقاربة الذهن
الجمعي لقيمة التوحد .. هذه القيمة السياسية التي لم تنل ما تستحقه من
التسييس والعقلانية.
لقد كان لغياب
المنطق البراجماتي في التعاطي مع الوحدة آثار خطيرة لم تتكشف إلا بعد فوات
الأوان. فيما جرى تجاهل حقيقة أن الدول لا تتشكل ولا تنهض أو تقوم لها
قائمة؛ إلا عندما تكون المصلحة أساس قيامها وضمانة استمرارها.
ولكن عن أية مصلحة نتحدث هنا؟ بالطبع لا نعني مصلحة المتنفذين واللصوص الكبار؛
الذين يسرقون ثروة الشعب؛ ويستأثرون بمغانم السلطة؛ كما يتاجرون بالمواقف
ويستغلون كل الظروف بوقاحة وانتهازية؛ سواء كانوا من الشمال أو من الجنوب.
بل إن الغاية والمصلحة من قيام أي دولة أو اتحادها مع أخرى تخص كل من ينتمي للدولة الوليدة أو للطرفين المتحدين.
ليس الاكتشاف المتأخر فقط لأضرار تجاهل المصلحة من الوحدة بين الشمال والجنوب ما يستدعي التذكير ببديهية
كهذه، ذلك أن استمرار انهيار السياسة في اليمن يستدعي التذكير دائماً
ببديهيات عديدة غائبة أو مغيبة؛ وسبب غيابها رغم جوهريتها؛ أن من يقودون
الفعل السياسي الذي تنقصه السياسة في في هذه البلاد؛ هم حفنة من الأقوياء
الذين اكتسبوا قوتهم من تدمير الدولة وإضعافها. ولكي تستمر قوتهم من
الطبيعي أن تظل تحركاتهم معنية بالإبقاء على الدولة ضعيفة وخاملة وغير
ممثلة للمجتمع وحارسة لمصالحه.