- منصور الأصبحي
كأقلام تنشد العدالة، والدولة والوفاق السياسي، وترنوا بكل ثقلها للمدنية، وبأثقالها للحرية، وتنسج من مداد أعماقها، ومن خيوط الأمل راية للسلام والوئام الاجتماعي والإصلاح الشامل، لكنها أحيانا تجد نفسها في مساحات الرأي الواسعة فتستنفر طاقتها الكامنة بلذعها الناقد كائنا من كان لربما -وأخواتها- حاول العبث بمشروعها الإنساني، المبني على ما رسمته -آنفا- والغرض من كل ذلك تنبيهه وتحذيره وغيره من أي عبث بمقدساتها المدنية، وهو ما يجري من الأحرف النقد لكثير من جهات أو مكونات أو قيادات وشخصيات أخر، نلحظ ذلك بصورة شبه يومية في مختلف دول العالم وفي المحروسة “تعز” مثلا من ألف ألف مثل.
أن نثق بأقلامنا الواعية فهذا تحول ثقافي باتجاه الأفضل، فبالنسبة لهذه الأقلام فهو يحفزها، ويؤهل مادة صياغتها، ما يجعلها تشعر بمسئولية أكبر، أما النسبة المجتمع فهو يساهم في تشكيل وعيه بما يضمن وعيا ثقافيا متحضرا، في مختلف اتجاهاته معرفية أو سياسية أو أخرى بتأسيس ثقافي يتحول لسلوك ولمنهج لتعاط مع الذات، وتعايش مع الآخر وانسجام مع مفاهيم العمل السياسي بما يؤسس لبناء وطني وفق مشروع وفاقي شامل، ابتداء من الفرد وصولا إلى الدولة، كمشروع تكاملي شرفه بشرف أهدافه الخلاقة.
أغلب النجاحات الجوهرية التي تحصدها أقلام الوعي ربما تنتج ثورة من وعي هو المطلوب في كل زمان ومكان، ولكنها لو انحرفت بتحيزاتها، أو تحيزت لانحرافاتها قد تدمر كل من وصلت إليه كأفكار وتصورات وعقليات ونفسيات وحالات أخرى من وعي تراكمي وأنسجة مجتمعية وغير ذلك وأكثر وإن جاز أن نعتذر للوطن باعتباره أحد ضحايا هذه الأقلام، التي سخرت قيمها المهنية في اتجاه “ضدي”، انتهازي مادي لا يؤدي غالبا إلا الإضرار أي كان شكله، حينها ينهدم سقف الثقة بالقيم وتنهار قيمة الأوطان، ويتسيد شبح الفوضى، وهنا تنشأ أغلب مشاريع التعبئات والتحشيدات والمكايدات وصراعات العبثية، وتؤسس للكراهية أرقى مراكز التأهيل، لإعادة إنتاجها وتطويرها واعتبارها ظاهرة متاحة للجميع.
فلتدرك الأقلام الواعية دورها الأخلاقي، وهذا هو مشروعها الذي يجب أن تدركه أكثر لتبنيه طوبة طوبة، بل تحميه من أي اعتداء عبثي، أو عبث “قلمي” بالمقام الأول باعتباره مفتاحا لأي انمساخ كم راحت ضحيته من قداسات إنسانية، وحضارات أزلية، ومجتمعات كانت قائمة بأمر ربها، فانهارت جميعها -عبطا- بلا أي شفقة، ولا تكاد تبين حتى اللحظة، لأن قيمة أي حضارة أو مجتمعات من قيمة أقلامها التي هي الأخيرة قيمتها بأهدافها الأخلاقية النبيلة، هكذا أخبرنا التاريخ.