لا تذكر رموز وأعلام تعز ومبدعيها ومثقفيها إلا وكان في صدارتهم ، ولا يطرح موضوع البدايات الرائدة في تشكل الوعي المجتمعي تجاه الثقافة والفكر والفن والرواد سنجد اسمه في مقدمتهم ، وكلما ذكرت تعز كعاصمة للثقافة والفكر والإبداع والفن ذكر بملازمة مستحقة لها ، كونه أحد الوجوه التي ساهمت في جعلها كذلك .
هذا هو الفنان التشكيلي العظيم “هاشم علي” الذي وجد نفسه في تعز بعد رحلة طويلة من المعاناة ، وقرار أن تكون مستقره ومرسمه ، ووهب لها عواطفه وإبداعاته ، ودرب أجيال من الفنانين التشكيليين الذين تتلمذوا على يده وأصبحوا أعلاماً ، ولكن في مقابل كل هذا العطاء الكبير لذلك العملاق ماذا أعطيته تعز بمؤسساتها وقياداتها ونخب مثقفيها والأجيال التي تتلمذت على يده .. ؟!!!
الخذلان والتجاهل والنسيان .. وبكل اسف ..
يتباهى رجال المال الأعمال بلوحاته في دواوينهم ، وخلف ظهورهم تماماً _كالموقع عليها_ في مكاتبهم ، وداخل أروقة ممرات شركاتهم ومؤسساتهم ، وتضيف لوحاته لهم الكثير من الزيف والثقافة الشكلية التي تفضحهم بتجاهل المبدع والتعامل معه كمتسول يمكن التفكير به أمام العدسة والميك فقط كهامش أنيق يتجملون به ويسترون قبحهم .
لم يترك “هاشم علي” بعد موته إلا لوحاته وجدارياته الخالدة ، وكومة لحم داخل علب كبريت خرسانية ضيقة يجب دفع إيجارها ، وترك أيضاً لوحات لا ملامح لها للوجوه الزائفة التي تدعي حبها له ، ومؤسسات تتاجر به ، ونخب ثقافية خاذلة ، وتلاميذ خونة لا وفاء لهم ..
تخيلوا أن هرماً ثقافياً خالداً كـ”هاشم علي” بلا بيت ، بينما تتمنى بعض البلدان أن يكون لها أفراداً لهم ربع موهبة الرجل كي يخلون من أجلهم أحياء سكنية كاملة ، وينصبون لهم تماثيل المجد .
الف تحية لمبادرة الفنان التشكيلي الجميل “وليد دله” التي دعا فيها الفنانين التشكليين إلى التبرع بلوحتين من أعمالهما للمشاركة في مزاد علني يذهب ريعه لشراء منزل خاص لأسرة ذلك العملاق التعزي المخذول ، وحتى لا يصبح لحمه الذي أمننا عليه في الشارع.
كل تعز ، برساميها ، ومثقفيها، وقياداتها ، ورجال مالها وأعمالها ، والمجتمع ، مطالبون للمشاركة الفاعلة في تلك المبادرة ، والتي لا يجب أن تقف أو تنحصر في إطار الفنانين ، رداً لجميل العملاق التعزي.
هاشم علي الموجود بلوحاته موجود في كل بيت .. بلا بيت .