- عبدالباري طاهر
أصدرت نقابة الصحفيين اليمنيين تقريرها النصف سنوي للنصف الأول من العام 2018 عن الانتهاكات في اليمن، مؤكدةً على استمرار حالة العداء ضد الصحافة والصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام بعد مضي أربع سنوات على الحرب التي أثرت سلباً على الحريات الصحفية.
رصدت النقابة 62 حالة انتهاك: قتل، اعتداء، مصادرة، تعذيب، شروع بالقتل، حجب مواقع إعلامية، مصادرة مقتنيات الصحفيين وممتلكاتهم، ومحاكمتهم وترويعهم، ناهيك عن حرمان أكثر من ألف صحفي وموظف في وسائل الإعلام الرسمية من رواتبهم منذ العام 2016.
حالة التعذيب 12 حالة بنسبة 19.9%، والاعتداءات12 حالة اعتداء بنسبة 16.6%، وحجب المواقع الإعلامية الإلكترونية 15 حالة بنسبة 1. 16%، والاختطاف والاعتقال بـ 8 حالات بنسبة 12.9%، ومصادرة مقتنيات الصحفيين بحالتين بنسبة 2. 3% ، والقتل بحالتين بنسبة 2 .3 %، والتهديد بحالتين بنسبة2.3%، نصيب أنصار الله 39 حالة من الـ 62 حالة بنسبة 39%، فيما ارتكبت الحكومة 15 حالة بنسبة 24%، وجهات مجهولة 5 حالات بنسبة 8% ، وكان نصيب التحالف العربي ثلاث حالات.
رصدت النقابة 8 حالات إيقاف واختطاف واحتجاز وملاحقة. ارتكبت الحكومة 7 حالات احتجاز من ثمان حالات، فيما ارتكب الحوثيون حالة واحدة. 16 صحفياً مختطفون منهم 13 لدى أنصار الله أغلبهم منذ العام2015، ويعيشون في ظروف قاسية بينهم صحفي مخفي قسرياً هو الصحفي وحيد الصوفي، وهناك صحفي لدى تنظيم القاعدة بحضرموت، وهو الصحفي محمد المقري، وصحفيان لدى الحكومة في مارب والمهرة وهما محمد علي المقري ويحيى السواري.
حالات التعذيب طالت المختطفين صبري بن مخاشن بحضرموت، وعبد الخالق أحمد عمران، وأكرم صالح الوليدي، والحارث صالح حميد، وتوفيق محمد المنصوري، وهشام أحمد طرموم، وعبد الملك اليوسفي، وهيثم عبد الرحمن راوح، وعصام أمين بلغيث، وحسن عبد الله عناب، وصلاح محمد القاعدي، والإعلامي نادر الصلاحي، وارتكبت الحكومة حالة تعذيب واحدة، بينما الحوثيون 12 حالة، ووثقت النقابة 12 حالة اعتداء طالت صحفيين ومنازلهم، ولكن التقرير لم يحدد نسبة هذه المخالفة أو الانتهاك لجهة معينة.
ويشير التقرير إلى تنوع الاعتداءات مابين الشروع بالقتل؛ 8 حالات، وحالتا اعتداء بالضرب، وحالتا اعتداء على منازل صحفيين. ارتكب مجهولون 4 حالات من هذه الجرائم، فيما ارتكبت الحكومة ثلاث حالات، والحوثيون أيضاً ثلاث – قسمة إخوة!-، وارتكب التحالف حالتين، ووثقت النقابة حالتي قتل طالت الإعلامي زياد الشرعبي، والمصور غالب بلحش من قبل مليشيات الحوثيين.
يرصد التقرير عدد الشهداء من الصحفيين منذ العام 2014 بــ 34 صحفياً. وفيما يخص التهديد رُصِدت حالتان موزعتان بالتساوي بين الحكومة والحوثيين، و11 محاكمة واستدعاء واستجواب، ارتكب الحوثيون عشراً منها، ويشير أن واحدة قامت بها جهة خاصة ولم يحدد هذه الجهة، وثلاث حالات منع- منع التغطية الصحفية، ومنع زيارة صحفيين، ومنع صرف الرواتب، حالتان قامت بها الحكومة وواحدة الحوثيون.
ويؤكد التقرير على قطع المرتبات كأبرز صورة من صور الانتهاك، وكل جهود النقابة والاتحاد الدولي لم تحرز أي نتيجة؛ بسبب تعنت الحكومة وتخليها عن مسئوليتها القانونية والدستورية.
قرابة ألف صحفي وصحيفة يعملون في أجهزة الإعلام المختلفة في مناطق سلطة أنصار الله، ويعيشون أوضاعاً معيشية صعبة، وفيما يختص بمصادرة معدات الصحفيين رصدت حالتان، حالة ضد مجهول، وحالة ضد الحكومة. وبلغت حالات الحجب 11 حالة لمواقع إعلامية إلكترونية قامت بها جماعة الحوثي، ويدون التقرير 200 حالة حجب خلال الأربعة أعوام والنصف موزعة على أطراف الحرب.
حسناً فعل الزملاء في نقابة الصحفيين في رصد الانتهاكات، والتوثيق للجرائم ضد الصحافة والصحفيين؛ فمنذ اندلاع نيران الحرب عكفت النقابة على إصدار بيان إدانة الممارسات القمعية ضد الصحفيين والحريات الصحفية، وإغلاق دور الصحف والقنوات والمواقع، وشيوع وتسيد مفردات القتل والاختطاف والإخفاء القسري، والمصادرة، والتهديد والترويع، وحجب المعلومة، وقطع المرتبات، والحرمان من التنقل. والمرعب أن أطراف الصراع (الشرعية، وأنصار الله)، وتدخل القاعدة على الخط، وأطراف مجهولة كلها تتنافس على وأد الحريات الصحفية، والتنكيل بالصحفيين.
قبل عدة أسابيع أصدرت «مواطنة»تقريرها السنوي عن الانتهاكات المختلفة تحت وطأة الحرب وجرائمها في اليمن. ورائع أن تهتم منظمات مهنية وحقوقية برصد الانتهاكات المتزايدة والتي طالت الحياة برمتها، وحبذا -أيضاً- لو تجري لقاءات ونقاشات بين المنظمات على قلتها والمحاذير الخطيرة عليها. لقد وقفت أطراف الحرب (السعودية، والإمارات، والشرعية) ضد تشكيل لجنة دولية مستقلة ومحايدة تابعة للمجلس الأعلى لحقوق الإنسان التابع للامم المتحدة؛ فقد تبنت دول منها هولندا والنرويج دعوات لتشكيل هذه اللجنة، ولكن السعودية وبمساندة أمريكية وأوروبية تحول دون ذلك أكثر من مرة، ومن عام لعام يلاحظ ضعف الاهتمام دولياً بهذه الجرائم، وانصراف المجتمع الدولي والرأي العام إلى قضايا أكثر سخونة وتفجراً.
وهناك ضرورة الدقة وتحديد تعابير التسميات: الشرعية، سلطة الأمر الواقع أو أنصار الله؛ فهي مهمة جداً في التقرير. وبديهي أن الحرب الشاملة في اليمن المركبة والمتداخلة بين الأهلي والإقليمي والدولي جبل جليد ما يخفي أكثر مما يظهر؛ فتحية لنقابة الصحفيين، وللزملاء أشرف الريفي ومحمد شبيطة على دورهما النقابي المهني والحقوقي .