- محمود ياسين
لا أسوأ من أن تتقمص الكاتب شخصية رامز واكل الجو
اكتب فحسب وكن أنت، بارعا أو ملتبسا وبلا تصفيق، أنت فحسب، همهماتك وتلك النغمة المتصاعدة من أعماقك وتشكل في النهاية إيقاعك .
يعلق البعض مع استهلاكية المتلقي ولا يكف يبهرج ويدلق الطلاء هنا وهناك ليحظى بالتصفيق مقابل مجهود بائس يبدو شكلا من التسول.
لا يجد البعض من طريقة للاستحواذ على انتباه المارة فيقذفهم بأكياس الزبالة، ناهيك عن من يختار شخصيات بعينها ويشرع في الهجاء وكأن صمته لوهلة تعني بالنسبة له موت أبدي
يكاد نوع من الكتاب أن يهلك ، يهلك بتهديدات النزاهة والكتابة دون صخب، إنه المعادل لشخصية الكاتب الانجليزي ويلز وهو لا يكف يحدث صخبا ويدعوا لمؤتمرات وماشابه ويحظى بالكثير من المعجبات المتأنقات متوجا تاريخه في الكتابة بـ ” آلة الزمن” تلك الرواية التي تحولت في أحسن الأحوال لسيناريوهات معادة في هوليود تنتج أفلام خيال علمي، بينما كان هنري جمس أثناء صخب ويلز ورحلاته ومعجباته وعطورهن الفرنسية، كان جيمس في بيته أسفل التلة يكتب ” غنائم بوانتن ” و” ربة المأساة ” ايقونات خالدة تركها رجل لا شيئ يؤذيه كالصخب.
بمعزل عن هذا كله نعود للمزاجية اليمنية تحديدا، حيث صعدت أسماء تشعر معها انك بصدد مواجهة جهاز عصبي أشبه ببرنامج عليه التخلص من كل ما يشبهه أو يتهدد حصته من الجمهور ومن الحو العام.
كتبت مرة تعليقا على منشور لكاتب أقرا له للمرة الأولى ،، فنان موهوب وغير معروف أنجز مقالة ملهمة وكان تعليقي يفصح عن كوني أحسده على هذا الأسلوب، وبدأت أتلقى النصائح الذكية : انت محمود ياسين كيف تقول هذا ؟
لأن هذا هو الحال ،لانه بارع وأنا لست متعهد حفلات أو متسابق في مهرجان للرقص..
حتى أن البعض يتضايق ويتملكه حس بالإحباط والاستيحاش والتوحش أيضا كل ما صادف صوتا موهوبا ونصا رائعا بدلا من أن يلهمه يدفعه لأن يكز على أسنانه، بينما الموهبة لا تكره ولا تحسد.
أكتب يا صديقي ودع لأصوات الاخرين الإفصاح بأكثر الطرق صميمية أو محاكاة، لا أحد يتهددك غير ماتنطوي عليه من تهافت ورغبة مستميتة في أن يخلو لك الجو، فذلك خليق بعاشق، أما الكتابة والبراعة والإدهاش فهي اقرب لمعزوفة جماعية قد تكون أنت نغمتها الأولى أو خاتمتها، وفي حال منحت بقية العازفين روحك وإيماءاتك المتواطئة مع انفعالاتهم وابتسمت لموهبتهم بحب ستكون لحظتها النغمة المركزية .
وحده الطبل من يقرع وحده .