- فتحي أبو النصر
لا يمكننا القفز عن جدلية تغييب الدولة كسبب رئيسي لكل التدهورات الرهيبة التي تحدث . و مع ضرورة اعتزاز الذاكرة الجمعية الوطنية بسنوات الحمدي القليلة الفارقة والملهمة في الشمال لتأسيس دولة حقيقية ، وكذا الاعتزاز بسنوات الاشتراكي في الجنوب الذي قطع شوطاً فاعلاً ومريراً في تطوير فكرة الدولة رغم المعوقات والازمات التاريخية المثبطة ، إلا ان ترسبات قرون الامامة والدويلات المتشظية ، فضلاً عن عقود الاستعمار والسلطنات الأكثر تشظياً ، مروراً بسنوات صالح الانتكاسية ، تقودنا إلى ان تداخل فترتي هادي و الحوثي المروعتين -ومابينهما محاولات المشترك البليدة و المتعثرة بعد 2011 – ليست سوى انعكاسات أكثر من سيئة لكل ماحدث من تراكم معقد ومأزوم في الوجدان الوطني ، سعت معظم أطرافه لتطبيع فكرة اللادولة في الدولة والمجتمع ، بينما ليس من اختلاف يذكر بين غالبية مختلف القوى المعيقة لانبثاق وتحقق فكرة الدولة في اليمن خصوصاً وانها قد توحدت في اغتيال المثال بشناعة أو اقصائه بقسوة ، كما تآلفت في حالة انفصامها الممقوتة التي تقوم على اساس بناء دولة توسعية موازية داخل الدولة المفترضة – اما لمصلحة الجماعة أو الشلة أو العصابة أو الطائفة- بالخلاف تماماً من فكرة الدولة الوطنية التي نريد ، وكي لا يكون أمامها سوى ان تتدهور وتضمحل وتتلاشى أكثر مع كل منعطف وطني جديدـ قديم ، يتشكل من ذات القوى المهيمنة ومزاجها البدوي و القبلي او بمنهجها العسكري والمستغل للدين ، مايعيق تطور البنية الاجتماعية والسياسية والثقافية لليمن واليمنيين . والحال ان مفاسد الفندمة والدولة لا يجتمعان ، كما ان مفاسد المشيخة والدولة لايجتمعان ، وبالمقابل فإن مفاسد المسيدة والدولة لايجتمعان، وكذا مفاسد البداوة والدولة لايجتمعان . إلا أن الخطأ الفادح والمتكرر الذي لايغتفر للقوى المدنية والوطنية والثورية اليمنية – ومعظمها اما مغفلة أو حسنة النوايا او بتوازنات ساذجة و صعبة -هو استمرار اعتقادها اللامبرر بأن الذي عمل -أو مازال يعمل- على محو وتدمير فكرة الدولة لربما تكون غايته إعمارها وصيانتها . ويا له من هراء ” أخجف” و أرعن لاجدوى منه ..