- محمد فائد البكري
مجرد الإعلان عن جائزة يمنية، ذلك يعني الكثير من الأمل، والكثير مما يستحق التنويه والإشادة والتقدير والشكر، ونرجو أن يفتح الباب أمام الإعلان عن جوائز أخرى.
من الأهمية بمكان أن نتلقف خبراً كهذا بالتفاؤل والفرح والبهجة، وأن نرى فيه فعلا إيجابيا، لكون إعلان هذه الجائزة ينتصر للإبداع، وهو محاولة لإعادة الاعتبار للفعل الثقافي، وإسهام في جعل الإبداع من الداخل اليمني، وليس انتظارا للخارج، وليت أن التنافس في إعلان جوائز يمنية يبدأ لتنشيط الفعل الثقافي، ولمراكمة الخبرات وإشاعة التقدير للإبداع.
أمَّا الضجيج الذي يُثار حول الجائزة ومحاولة وصمها بالمناطقية فهي دعوى تحاول أن تسيس الفعل الثقافي وأن تدفع القائمين عليه إلى استهلاك جهودهم في التوضيح والتبرير والنفي…الخ. وهو ما نرجو ألا يلتفت له القائمون على الجائزة، وأن يكون ردهم من خلال العمل على إنجاح الجائزة، وترسيخها، وإثبات دورها، وهم أهلٌ لذلك.
من الظلم الحكم على شيءٍ لم يبدأ بعد، ومن الاستهتار بالمتلقي أن نوجِّه رأيه ضد الجائزة، عبر ادعاء مناطقيتها لمجرد رصد أسماء مجلس الأمناء الذين بلا شك حررهم حبهم للإبداع من مثل هذه التنميطات المتربصة!
هناك جوائز عالمية تصدر تحت رعاية أُسرة معينة، وباسم شخصية معينة ولا تتهم بأنها أُسرية أو عائلية، وكثيرٌ من هذه الجوائز أثبت فعاليته وقدَّم للإبداع الكثير.
إن مجلس أمناء أي عمل يقرره أصحابه من منطلق أنه هيئة إدارية ينبغي أن يتحقق لها التجانس والتناغم والتفاهم والتقارب؛ لتنجح في إدارة العمل، وهذا قد يتأتى على نحوٍ وعلى آخر، وليس فيه أي غضاضة، وزيادة على ذلك أن الأسماء التي أعلنت في مجلس الأمناء لإدارة الجائزة في مجملها أسماء يمنية مبدعة، أسهمت بالإنجاز الثقافي ولها جهودها المشهودة.
المتزاحمون على اتهام الجائزة بمجرد إعلانها يغفلون أن كل عمل يبدأ حُلما ومحاولةً وتطلعا، ومع الزمن يكتسب خبرة، ومع ما يراكمه من إنجازات يكتسب مشروعيته واحترامه، وكل تسرُّع في الحكم على الأمنية التي بدأت تعلن عن نفسها هو سوء ظن ومجازفة وإهدار لقيمة الإنصاف.
ثمَّ إن ما تم رصده من أسماء القائمين على الجائزة ليس أكثر من هيئة إدارية للجائزة، وهناك لجنة قراءة للأعمال المتنافسة على الجائزة، والباب مفتوح للجميع للتقدم للجائزة، فأين المناطقية المزعومة؟!
مَنْ شاء أن ينقد، عليه أولا أن يرصد ما يستحق النقد، وأن يقدم ملاحظاته واستدراكاته ومقترحاته في سياق ما حدث وليس في سياق ما لم يحدث بعد.
الإبداع عابر للمناطقية وللهويات، ولا يُحتاج أن يُنظر فيه إلى محاصصات أو يُطلب فيه تمثيل الجهات والمناطق والأقاليم، لأن مثل هذا الطلب هو في حد ذاته ينطوي على مناطقية.
اطلبوا ما هو في صالح تجويد العمل من أجل إنجاح الجائزة واشكروا القائمين عليها، على مبادرتهم، واحتضنوا شجاعتهم في الرهان على الإبداع بمواجهة الحرب والركود والقبح، وتمنَّوا لهم النجاح، وساعدوهم عليه.