- عبدالباري طاهر
منتصف سبعينات القرن الماضي طلعن إلى صنعاء- كما أتذكر- ثلاث فتيات من تعز بعد تخرجهن من الثانوية: الأولى: جميلة علي رجاء ابنة الدبلوماسي المعروف خريج العراق ضمن الدفعة الثانية في ثلاثينيات القرن الماضي والمترجم شبه الوحيد حينها. الثانية: أمة العليم السوسوة، والثالثة من أسرة التربوي والفلكي الشهير الحكيمي نسيت للأسف اسمها؛ إذ سرعان ما غادرت صنعاء إلى تعز.
أمة العليم وجميلة اندغمتا في نشاط الوزارة ومؤسساتها كتأسيس جدي للمسرح، وكالة سبأ للأنباء، التلفزيون، اليمن الجديد، والثقافة. أمة العليم وجميلة كن نجمتا الوزارة، لهما حضور في المسرح، وفي التمثيل. صحيح أن زهراء طالب، وفاتن اليوسفي، وعايدة الشرجبي، ورؤوفة حسن قد سبقن للعمل في الإعلام.
جميلة رجاء وأمة العليم برزن في الإعلام الجديد بعد حركة الـ13 من يونيو 74 والقيادة الجديدة بزعامة الشهيد إبراهيم محمد الحمدي، ومكنتهن لغتهن الإنجليزية والاهتمامات الأدبية والثقافية من تبوء مكانة مرموقة في الإعلام والحياة العامة. فيما بعد عملت جميلة رجاء في الملحقية الإعلامية في مصر، وفتحت نوافذ وأبواب لليمن في علاقتها المائزة بالصحفيين والإعلاميين والصحافة المصرية، أما أمة العليم فقد أصبحت وكيلة وزارة الإعلام، وفيما بعد وزيرة لحقوق الإنسان. في عملها كوكيلة للإعلام عانت الأمرين من الصراعات في الوسط الإعلامي داخل الوزارة وخارجها. أذكر بعد حرب 94 حصلت خلافات في نقابة الصحفيين، وكانت الحكومة وعلي عبد الله صالح شخصياً وقيادات في المؤتمر الشعبي العام وصحفيون يعملون على شق النقابة، والتضييق على الهامش الديمقراطي الذي شهدته اليمن عقب الوحدة في الـ22 من مايو 90، وكان موقف أمة العليم قوياً ورافضاً لمحاولات شق النقابة، أو التضييق على الحريات الصحفية، وتعرضت لمكائد وضغوطات شديدة.
المكافحتان أمة العليم وجميلة رجاء من المدافعات عن حرية الرأي والتعبير والحريات العامة والديمقراطية وحقوق الإنسان، والمنتميات حقاً وصدقاً للحياة المدنية؛ ولكل منهما مساهمات ومشاركات وبحوث ومقالات عديده تحتاج الى تناول اوسع فلهما التحية والتوقير.