- طه العامري
خلال الفترة من عام 1920 م من القرن الماضي وحتى العام 1948م عاثت العصابات ( الصهيونية ) الإجرامية والإرهابية والتي لم يعرف العالم في كل تاريخه إرهابا وحشيا كأرهاب العصابات الصهيونية وأبرزها ( الهاغانا ) التي كان يتراسها الإرهابي ( مناحيم بيجن) وذهب ضحية إرهاب هذه المنظمة وغيرها من المنظمات التي تتبع وتمول من الوكالة اليهودية عشرات الألاف من العرب واليهود على حد سواء ؛ ليتواصل هذا الإرهاب بعد قيام الكيان الصهيوني عام 1948م ويتواصل ولكن بصورة منظمة كإرهاب دولة فالقتلة والإرهابين والمجرمين والسفاحين أصبحوا بعد عام النكبة قادة وحكاما للكيان الصهيوني الاستيطاني ليمارس هذا الكيان هويته الإرهابية والإجرامية بحق الأقطار العربية مجتمعة ؛ مستندا ومتكئا على رعاية استعمارية كاملة تبدا في لندن وتمر عبر باريس ولا تنتهي بواشنطن بل لها جذور وامتدادات في العديد من البلدان الغربية والأوروبية المعادية للوجود العربي والقومي والإسلامي ..
بعد النكبة لم تقدم الأنظمة العربية العميلة والمنبطحة والمرتهنة ؛ من عمل أي شيء أو اتخاذ موقف عام موحد يتكفل بعودة الحق إلى أصحابه ؛ بل راح العملاء العرب يستجدون لندن وباريس وواشنطن والأمم المتحدة وينتظرون مكارمهم ؛ وكانت مصر تدار من قبل ( اللورد كرومر ) البريطاني ومملكة ما تسمى ( الهاشمية ) محكومة من قبل الجنرال ( غلوب باشا ) البريطاني ؛ فيما كانت المحميات الخليجية ومنها وفي مقدمتها نظام الخونة ( آل سعود ) الذين كانوا ولا يزالون ( عبيدا ) في اسطبلات المستعمر الغربي رغم ثرواتهم الهائلة التي يتحكم بها أيضا المستعمرين ؛ فيما ( الأئمة في اليمن ) كانوا تحت رعاية المندوب السامي البريطاني ؛ وهكذا كان على شرفاء الأمة أن يعيدوا حساباتهم بأنظمتهم فكانت ثورة 23 يوليو في مصر تعبيرا عن سطوع فجر عربي جديد سطعت أشعة شمسه سماء الوطن العربي من المحيط إلى الخليج لتبدا مرحلة جديدة في حياة أمتنا وتاريخها ووجودها على يد أحرار الأمة وفي المقدمة خالد الذكر الزعيم جمال عبد الناصر ومعه رموز العمل القومي في سورية والعراق وإليهم انظم احرار الأمة من أجزاء الجغرافية العربية ؛ لتبدأ القضية العربية الفلسطينية مسارا جديدا ؛ مسار بغض النظر عن نجاحه واخفاقه وما رافقه من تداعيات ؛ إلا أن تلك التداعيات تمكنت من تشكيل وعي عربي وقومي وإنساني يتمحور هذا الوعي حول فلسطين القضية والوجود والهوية والانتماء والأرض والإنسان والتراث الحضاري والثقافي والمقدسات ..
مرحلة تلاحمت فيها حد التلاحم والاشتباك _ الكلمة _ مع _ البندقية _ مع _ الأغنية _ و _ الكوفية الفلسطينية _ ولم يقف المستعمر وزبانيته قطعا إزاء هذه التحولات موقف المتفرج بل حرك أدواته وطورها وطور من وسائلها وخطابها كما طور بنفس الوقت مؤامراته وحيله القذرة ؛ وكعادة المستعمر وكما افتعل ورسم الحدود الجغرافية ؛ راح يرسم معالم الطرق لكل نظام باستثناء الاحرار منها ؛ فكانت الغالبية من الأنظمة تواصل مهمتها كصنيعة استعمارية كما هو حالها اليوم الذي لم يتغير ؛ فيما الأنظمة الحرة جوبهت بالتأمر والحصار وتعرضت لفتن وتم استغلال ضعفاء النفوس من أوساطها الاجتماعية وتجنيدهم كأبواق رخيصة يرددون مفاهيم ومصطلحات المحاور الاستعمارية تحت يافطات متعددة أبرزها الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتقدم والتطور الاجتماعي ؟!
كان على أنظمة الكرامة العربية أن تدفع ثمن انتمائها لأمة غالبية أنظمتها ( عملاء وخونة ) وسدنة وحملة مباخر للمحاور الاستعمارية ؛ والهدف كله كان يتمحور في تأمين الكيان الصهيوني في أرض فلسطين ودمجه في جغرافية المنطقة كصاحب حق تاريخي وذو جذور ثقافية مع أن 99% من مكون هذا الكيان لقطاء تم تجميعهم من خارج جغرافية المنطقة وخاصة من أوروبا وأمريكا ؛ وخلال سبعة عقود دفع عشاق فلسطين أفرادا وجماعات وأنظمة في الوطن العربي ثمن تمسكهم بفلسطين وبعروبة فلسطين ؛ ومع ذلك ورغم رحيل الكوكبة الأولى والثانية من فرسان العمل القومي العربي ظلت فلسطين هي الأيقونة الحاضرة في الوجدان والذاكرة لتأتي العقود الأولى من الألفية الثالثة بتداعياتها الدرامية في لحظة انسلاخ وعي شبه كلي عن الذاكرة القومية ؛ وفي لحظة تم فيه إغراق المواطن العربي في نفق الهم الذاتي ليصبح وطنه يتمحور في نطاق ( رغيف الخبز ) ..؟!!
ولأن هذه الامة ؛ أمة عظيمة نزلت فيها الديانات الثلاث وكرمها الله بصفات ومميزات ومقومات الخلود والديمومة ما لم يمنحها لأي أمة غيرها ؛ كيف لا وقد جعلها أمة وسطاء لتكون شاهدة على الناس ويكون الرسول عليه الصلاة والسلام عليها شهيدا ؛ نعم لم يحمل الله رسائله السماوية إلا لهذه الأمة العربية ؛ فكلفها بنشر الدين ( اليهودي ) أولا ثم كرمها بنشر ( المسيحية ) ثم كلفها بحمل راية ( الإسلام ( وجعل خاتم الأنبياء والرسل النبي محمد العربي القرشي هو شفيع العالمين وأمام الأنبياء والرسل وقرن اسمه الى جانب أسمه وهذا تكريم لم يسبقه تكريم وليس بعده تكريم ..
وهذا ما لم يستوعبه المنبطحون من العرب الهاربة نحو ( حائط المبكى ) وهو ليس بحائط المبكى ؛ بل هو حائط ( البراق ) ولكن ماذا نعمل لمن اعمى الله بصرهم وبصيرتهم لحكمة يعلمه هو سبحانه وتعالى ؛ ومع ذلك فأن منطق العقل السليم لا يمكن استلابه أو تظليله مهما اعتمد المظللين من أدوات زائفة أو مارسوا من أفعال ترهيبية وترغيبية لكي نسلم بمنطقهم الهلامي الزائف ونذعن لمخططاتهم الأسطورية العقيمة ؛ ونقبل بحقيقة الوجود الصهيوني في أرض فلسطين العربية المقدسة .
لذا نجد أن الله سبحانه وتعالى يقيظ لفلسطينه ومقدساته رجالا لا يخافون عدو ولا يهابون الموت ولا يرعبهم فقدان الملذات ؛ كحال المنبطحين الجدد الأكثر بشاعة ووقاحة من اسلافهم ؛ أليس هو الله سبحانه وتعالى من نصر عرب قريش الكفرة والمشركين وعبدة الاصنام على أبرهة وجيشه وهم أصحاب كتاب رباني يوحدون الله ويتبعون رسوله المسيح عيسى أبن مريم ..؟!!
وهو كذلك سبحانه سينصر عباده أهل بيت المقدس من جحافل ( الصهاينة ) ومن يقف خلفهم ومن يدعمهم ويساندهم بالباطل ضد أصحاب الأرض والحق ؛ والحق فوق القوة لو كنتم تعلمون ؛ ولهذا سيرتد ويندم عرب الانبطاح للصهاينة ذات يوم الذي يرونه بعيدا ونراه قريبا بل وأقرب مما يتوقعون ؛ فقد سقطت كل المؤامرات وسقطت وسوف تسقط إمبراطوريات وزعامات ساعدت وايدت الصهاينة الذين يقفون اليوم بأقدام مرتعشة رغم كل مظاهر الاختراق التي قام بها بعض اشباه الخونة والعملاء ؛ وكما سقط حلم واشنطن عام 2006م بقيام الشرق الأوسط الجديد على يد مجاهدي ( حزب الله ) سقطت ( صفقة القرن ) بدورها على يد مجاهدي فلسطين في ( غزة والضفة والقدس وداخل الخط الأخضر في يافا وحيفا وكل أراضي فلسطين العربية الممتدة من راس الناقورة حتى ( أم الرشراش ) ؛ وستعود فلسطين من النهر الى البحر ؛ رغم أنف عرب الانبطاح واسيادهم وصهاينتهم الذين سيدفعون ثمنا باهضا وعما قريب ..
يتبع