- كتب: طه العامري
يبدو أن بعض العرب لا يكتفون بانبطاحهم وارتهانهم لأعدا الأمة ؛ ولا يكتفون أنهم قد تخلوا واجباتهم الأساسية وهي الدفاع عن حقوق وكرامة الأمة واختاروا طريق التبعية والارتهان حد الانبطاح خلف أعداء الأمة متخليين عن قضايا وحقوق أمتهم ؛ وهادرين كرامتهم على أبواب الغزاة والمستعمرين وقوى الغطرسة الاستعمارية ؛ بل يوغلون في ( تسفيه ) أنفسهم من خلال خطاب ما برحوه في تسويقه عند كل ملحمة وطنية وقومية تصنعها قوى المقاومة والممانعة في مواجهة أعداء الأمة ووجودها .
عام 2006م حين خاضت المقاومة الإسلامية في لبنان معركة مصيرية أمام جحافل العدو ( الصهيوني ) وقد سجلت المقاومة _ يومها _ انتصارا عسكريا ومعنويا ؛ انتصارا اعترف به العدو وأرتد ذلك النصر الذي صنعته إرادة المقاومين إلى أزمة داخلية في كيان العدو تشكلت على أثره لجان تحقيق من قبل كل المؤسسات العسكرية والأمنية والسياسية والتشريعية ؛ خرجت بتقارير تناقلتها كل وسائل إعلام العدو والإعلام العالمي وجميعها تؤكد واقعة _ الهزيمة _ والفشل لجيش العدو ؛ وعلى خلفية تلك التقارير تمت الإطاحة بكوكبة من قادة الصف الأول والثاني في كيان العدو من السياسيين والعسكريين وقادة الأجهزة الاستخبارية والأمنية ؛ في حرب قالت عنها أمريكا وهي الدول الأعظم _ يومها _ وعلى لسان رئيسها ووزيرة خارجيتها وقادتها أن تلك الحرب سيتمخض عنها _ ميلاد الشرق الأوسط الجديد _ الذي أخفقت واشنطن في تكريس معالمه خلال غزو واحتلال العراق والذي حدث قبل تلك الحرب بثلاث سنوات فقط ..؟!!
يومها خرج بعض العرب ( المنبطحين ) للمشروع الأمريكي _ الصهيوني بخطاب التشكيك والانتقاص من انتصار المقاومة واعتبار ما حدث ( لعبة وكذبة ) وأوهام ليس لها في الواقع أثر ..؟؟!!
أصوات نشاز خرجت من قبل نخب سياسية لبنانية وعربية وقالت هذه النخب ما لم يقوله العدو الصهيوني وما لم تقوله أمريكا ..؟!
اليوم وفيما يتعلق بحرب ( غزة ) وما قدمته المقاومة الفلسطينية والشعب العربي في فلسطين من ملحمة بطولية استثنائية هزت كيان العدو وأربكت حساباته ؛ ودفعت انظار العالم بأسره إلى التوجه نحو فلسطين كل فلسطين ونحو المقاومة التي واجهت أعتى جيش في العالم مدجج بكل أنواع الأسلحة الفتاكة والمدمرة ؛ حرب فرضت فيها وخلالها المقاومة معادلة جديدة ؛ معادلة لم تكن بحسابات العدو ولم يكن حتى يتخيلها ؛ إذ أن مدينة ( تل الربيع ) التي احتلها الكيان وجعلها عاصمة له واطلق عليها ( تل آبيب ) ؛ طالتها ولأول مرة صواريخ وقذائف المقاومة ؛ نعم لم يسبق لسكان ( تل آبيب ) أن سمعوا صفارات الأنذار تدوي في أرجاء المدينة ؛ ولم يسبق أن هرول سكانها إلى الملاجئ ؛ لكن المقاومة العربية في فلسطين أجبرتهم هذه المرة بالنزول للملاجئ ؛ وأدخلت في نفوسهم الرعب والخوف والهلع حتى جعلتهم يلعنون بعضهم بعضا ويسخرون من بعضهم البعض ؟!
وأن كانت حرب عام 2006م قد انتهت بنصر المقاومة وأنهت مستقبل ( أولمرت ) السياسي واطاحت بدان حانتوس وقادة كبار في الكيان فأن حرب ( فلسطين ) قد أودت بمستقبل ( نتنياهو ) وإلا الابد وكما رحل ( أولمرت ) عام 2006م من رئاسة حكومة العدو إلى ( السجن ) لسبعة أعوام ؛ فأن ( نتنياهو ) قد يكون حضه أفضل من خلفه ..؟!
وعلى يد المقاومة التي ينتقص منها بعض العرب اليوم ويسخرون من إنجازها التاريخي.
قبل أيام تابعت برنامج على أحدى الفضائيات التابعة لمثقفي وأنظمة ( البترودولار) من طابور المنبطحين والمرتهنين وهي تسوق ثقافة الانتقاص من ( المقاومة ) ومنجزاتها خلال حرب ( غزة ) ؛ وبكل وقاحة لم يتردد ضيوف البرنامج في تحميل الجمهورية الإسلامية الإيرانية مسئولية ما وصفوه ( بدمار غزة وتشريد مواطنيها وقتل أطفالها ) ..؟!!
في محاولة رخيصة وقذرة لشيطنة ( الجمهورية الإسلامية وحركة المقاومة الفلسطينية ) ؛ بل وخلطوا كما يقال ( الحابل بالنابل ) فكالوا جم غضبهم على ( إيران والمقاومة ) وعلى ( حزب الله ) وعلى حركة ( انصار الله )معتبرين كل هولاء خطرا على الأمة ووجودها ؛ ثم توزعت الأدوار بين من يطالب ( بتحرير غزة من إيران وحماس والجهاد ) كما كتب سفير الإمارات في _ واشنطن _ أو بالأصح ( سفيه الإمارات ) وبين من يطالب بتحرير ( لبنان من حزب الله ؛ وأخر يطالب بتحرير اليمن من أنصار الله )..؟!!
حقيقة لم أتصور أن هناك حالة انحطاط فكري وعقلي وسلوكي لدى بعض العرب تصل لهذه الدرجة الحقيرة من الانحطاط الذي يصعب تفسيره سوى إننا أمام مخلوقات تفوق بوقاحتها وقاحة العدو الصهيوني ووقاحة الاستعمار بكل اشكاله ومحاوره ..؟!!
بل ذهبت وقاحة القناة ومن يديرها ووقاحة مقدم البرنامج وضيوفه استباق الأحداث ودق أسفين بين المقاومة الفلسطينية وجمهورية مصر العربية محاولين وبكثير من الانحطاط الأخلاقي والسلوكي والمهني إثارة فتنة غامزين من قناة الانتماء الايدلوجي لحركة المقاومة ومن قناة التوصيف ( المذهبي ) المزعوم للجمهورية الإسلامية الإيرانية وهي تهم كاذبة وزائفة اخترعتها أمريكا وزبانيتها وسوقها الصهاينة وطابورهم في كارتل المنبطحين من عرب الارتهان الذين تجردوا من كل القيم والاخلاقيات وأن في حدودها الدنيا .
بيد أن الآمر من كل هذا هو الهجوم الغير منطقي والغير أخلاقي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي كما قالوا لم تقدم للشعب العربي في فلسطين ( سوى الخراب والدمار ؛ وأنها مزقت فلسطين وقسمتها إلى غزة ورام الله ) ..؟!!
وهذا الطرح المثير لا يعبر إلا عن نفوس مريضة ومرتهنة ؛ نفوس تتبني بالوكالة الموقف (الصهيوني الاستعماري الإمبريالي الرجعي ؛ فإيران يجب أن تشكر من قبل كل عربي حر وذو كرامة ويتطلع إلى دحر الغزاة والمحتلين من كل شبر من الأراضي العربية المحتلة ؛ وكان الاحرى بمثل هولاء أن ينتقدوا النظام العربي الذي حاصر ورفض يقدم أي مساعدة للشعب العربي في فلسطين حتى تلك التي يطلق عليها المساعدات الإنسانية من كساء ودواء وغذاء واعانات مادية بل ساهم النظام العربي بحصار الشعب العربي في فلسطين وتخلى عن القضية العربية الفلسطينية منذ رحيل الزعيمان جمال عبد الناصر وحافظ الأسد ؛ ومع استمرار سورية في تبني القضية الفلسطينية عمل البعض على حصار سورية وتجنيد المرتزقة بهدف اسقاطها وانفقوا مبالغ خيالية لو قدمت للقضية الفلسطينية ومقاومتها لكانت فلسطين قد تحررت ..!!
وأن كانت مقاومة فلسطين أو بعضها ينتمي لجماعة الإخوان فليفترض الاصطفاف إلى جانبهم وتقديم كل اشكال الدعم لهم لمواجهة العدو التاريخي للأمة ؛ باعتبارهم يشكلون النموذج الراقي في مسار وتاريخ الجماعة ..
وبصراحة ( أنا القومي العربي المنتمي للمدرسة الناصرية ) فكرا وسلوكا ومواقف أجدني أقف إلى جانب المقاومة العربية في فلسطين ومع المقاومة الوطنية والإسلامية في لبنان ومع الموقف العربي القومي في سورية ومع الجمهورية الإسلامية في إيران ومع كل من يعتبر الكيان الصهيوني عدوا ويقف داعما ومساعدا للمقاومة العربية التي تواجه هذا الكيان بمعزل عن أي حسابات سياسية كانت أو ( مذهبية ) أو طائفية أو مناطقية أو حزبية ؛ وأن كانت إيران تقف من القضية العربية في فلسطين موقفا كان يفترض أن يقفه العرب للأسف ولكنهم لم يفعلوا بل اصطفوا إلى جانب العدو المحتل والاستيطاني ضد أصحاب الأرض والحق ؛ وحين وقفت إيران اعتبروها (دولة عدو) وتبحث عن توسيع ( النفوذ الشيعي ) وهو مصطلح سفسطائي عبثي لجاء إليه المنبطحين والمرتهنين للإرادة الاستعمارية والمشروع الصهيوني ؛ ويسعون من خلال تسويق مثل هذه المزاعم تخدير مواطنيهم والتغرير بهم وحسب ؛ ولو كان هولاء يحملون ذرة من عروبة أو من القيم الإسلامية والاخلاقيات الإنسانية والحضارية لكان الأولى بهم دعم واحتضان المقاومة والاصطفاف إلى جانبها حتى تستعيد الأمة حقوقها ويعود الشعب العربي في فلسطين إلى أرضه ووطنه وإقامة دولته بعاصمتها القدس الشريف ؛ فلسطين التي باعتها وتنازلت عنها الأنظمة العربية عام 1948م وتحديدا ملوك مصر حينها والسعودية والأردن ؛ وبأوامر بريطانية _ أمريكية .
يتبع