- رشيد سيف
بين عاصمتين فقدت الهوية وكل الحياة، ففي نقطة ما أخبرني الجند عن مأساة من عبروا هنا ، عن أشلاء رفاقهم في القضية، عن أحلام طفلة حاصرتها القذائف، عن حقيقة بترتها الصحف وباركتها” الأمم المتحدة”،
وقبل دمعة الغائب الذي شكى الحال تنكرت بوطنية الرجل الذي قتل نفسه للحيلولة من أسئلة السجان، عفوًا ، لتجاوز تهكم العابثين بنا على أبواب المدن المأسورة لغيهب القبيلة و الغباء حيث تبدو خيارات العيش متشابهة مابين بندقية حرب و سوء نية المانح ،
اللعنة، لكم مخزي هذا البقاء وسط الطابور 5 في سوق الارتهان للحتمية اللا مجدية لا للمصير وإن كان هش.
ثمة خيبة على طول الطريق تسلب العابر نحو المدن الطمأنينة إن لم تسلبه الحياة، فهنا بين الشيء و اللا ، رأيت ديمقراطية “العزيز” وظلال ” زليخة ” في الهوى.
إن الاستمرار في ممارسة الخطيئة أهون بكثير من فعل الصواب دون إدراك ، لذا من يبصر ينتصر ومن ينتصر دون بصيرة يموت، لأن حكمة المسار الوعي ومن يتعامس لغاية يخسر ومن يخسر في التعامي لا عزاء له.
في الطريق تذكرت خيبة صديقي الضابح ، حينما بكى زفاف حبيبته على مترس ما فغدرته الشظايا ومات، وبعد دمعة ، حدثني السائق ذات الأوجه المتعددة عن الجامعي الذي اتصل بأمه للمرة الأخيرة وبعد سنة سوداء من الحرب والعزاء عاود ذات الرقم مهاتفة الأم وقبل السلام أخبرها أن ابنها يثرثر بإسمها دوما، وأن ذراعه اليمنى مبتورة ، قائلا” أماه، أنا صديقه في الحرب وفي الإصابة أيضا “وقبل أن يتمم السائق سجارته صرخ شخص ما في الخلف ،اللعنة على الحرب، وبدأ يبكي صديقه القروي الذي فتكت به شجاعته المفرطة، اندفاعه نحو الموت ذات صباح في جبهة ما
لكم محزن أن تستقر في قلب صديقك رصاصات الهزيمة ولا تستطيع إنقاذه ، كنا ثلاثة في منعرج واحد ، أحدنا مات برصاصة قناص وحينما حاول الأخر مساعدته سقط بأخرى ، كنت من فتحة صغيرة أبكي حظنا جميعا وكلما حاولت المجازفة يمنعني صراخهم ” ويحك ، لا تهمنا انجُِ بنفسك ، نحن شباب أما أنت أب لستة أطفال ومدرسة لأجيال ، بربك لا تحاول ” ومن أجل إيقافي أطلق كلا منهم على الأخر وهكذا انتهت المعركة واستمر العزاء.
التعاسة هي أن تقف على لغم ليوم كامل دون أن ينفجر ، أن تمضي ك”جائع ” ظل الطريق ولم يدرك ، أن تقرأ كل الجرائد ولا تجد فيها رقصة واحدة، أن يصفك الناس بالجنون وأنت أعقلهم، التعاسة هي أن يدفعك الحلم للنجاة فيغرقك الواقع بآثامه.