- ضياف البراق
المرأة لا تحب الرجل لمجرد الجنس فقط، إنها تحبه قبل ذلك لأسباب كثيرة، ومن أجل أشياء كثيرة. حب المرأة للرجل يتجاوز إطار شهوتها الغريزية، أما الرجل فقليل التجاوز. المرأة تغلب الرجل في الحب؛ لأنها ترى إليه من زوايا كثيرة، وبالتالي تحبه من زوايا كثيرة. أعني أن نظرتها في الحب، وإلى الحب، أوسع من نظرة الرجل بكثير. الرجل قصير النفَس في ميدان الحب، أمّا نفَسُ المرأة فطويلٌ جدًّا. وفي الحياة، المرأة صبور أكثر من الرجل، وأكثر منه وفاءً، وأعمق منه في تذوّق الجمال. الرجل يتظاهر، يتكلّف الحب، المرأة صادقة، طيّبة جدًّا. إن الأنوثة، بطبيعتها، أوسع وأعمق من الذكورة. الرجل يتكلم كثيرًا عن الحرية، المرأة عكسه تمامًا، إنها تعتني بالحب كثيرًا؛ لأنّ لا حرية خارج الحب أو بغير الحب أو فوق الحب. المرأة حُرّة كثيرًا، بالفطرة، ولذلك هي تفوق الرجل في نزوعها إلى الرحمة والجمال. ثم، إنّ حرية المرأة أكثر طهارة من حرية الرجل. الرجل متسلِّط بطبعه، يرغب دائمًا في السيطرة على الأشياء، وبهذا هو أقل حرية من المرأة. عظمة المرأة تكمن في أنها لا تصنع شيئًا غير الحب، بينما الرجل يصنع أيضًا مختلف أنواع الدمار. الرجل يقمع حرية المرأة، سعيًا منه إلى طمسها، أمّا هي فليست كذلك. هو يسلبها حريتها، أو يطمسها، بينما هي تحضن حريّته وتُضيئها، هذا هو الفرق. والذي يحب حرية نفسه، ويتضايق من حرية غيره، ليس بحر مهما تشدّق بشعارات الحرية. المرأة ليست أنانية تجاه الرجل، أما هو فأناني تجاهها. أنانية الرجل تُجاهها، برهان واضح على أنه أقل حرية منها. الأكثر عطاءً هو الأكثر حرية. أليست المرأة هي الأكثر عطاءً؟ نعم، ومليون نعم.
ختامًا، لا تدعوا المرأة إلى الحرية، أيها المزايد، ولكن حرر نفسك وكفى. دائمًا تتفتّح حرية المرأة وتزهر في ظل الرجل غير الأناني، الطيّب.. إذَنْ فليتحرر الرجل من أنانيّته، ومن غروره الذكوري؛ فالمرأة حرة أصلًا، إنها بحاجة فقط إلى رجل حر مثلها، أو طيب مثلها، بحاجة إلى رجل يفهمها، لا إلى حرية فارغة من الحب. لا تزايدوا عليها بالحرية، حرروا أنفسكم فقط لا غير. حرية المرأة جمالية عميقة، إنها حرية إنسانية خالصة، لأنها نابعة من صميم روحها. الرجل قد تكون حريّته شكلية، أو زائفة، أو قليلة الصدق. المرأة منبع الجمال الحقيقي، والجمال لا ينبع إلا من كيان حر، طاهر. الحرية الحقيقية، هي الطهارة الداخلية، هي الصفاء، هي الرحمة، وتلك الصفات تشرق دومًا من أعماق المرأة.