- كتب: شوقي شاهر
أتاح إتساع نطاق استخدام السوشيال ميديا فرصةً ثمينةً أمام عديد شرائح المجتمع مكنتهم من التعرض والتعرف على كم كبير ومتنوع من الرسائل والمنشورات ذات المضامين المتعددة سواء تلك التي تربطهم علاقة ما بها أو تلك التي لا تحظى بإهتمامهم.
وفي الوقت الذي كان يستطيع فيه الجمهور إنتقاء ما يشاء من رسائل ومضامين إعلامية كانت تصل إليه عبر وسائل الإعلام التقليدية، إلا أن خياراته هذه باتت اليوم تتضاءل أمام إنتشار وسهولة إستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي مثل فرصة سانحة -ايضاً – أمام المؤثرين ومنشئي المحتوى لصناعة محتوى معين وتقديمه للجمهور العريض الذي لا يملك حينها أي خيار غير التعرض لها، خاصة أمام عدد المرات التي يتكرر فيها المحتوى أمامه وبكل سهولة وبساطة ويسر، وهو ماأدى في أحيانٍ كثيرة إلى إستئثارهم بقطاع واسع من المتابعين والذي قد يصل إلى عشرات الآلاف والذي يمكن أن يمثل كلُ منهم وسيلة إعلامية تتأثر وتروج لكل ماينشره أو يبثه هذا المؤثر أو ذاك.
ومن هنا تأتي أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه المؤثرون في ما يتعلق بترويجهم لسلعة أو منتج ما، لاسيما وأن الأمر أصبح من السهولة بمكان على كل صانع محتوى إعلاني أو ترويجي، بحيث لا يحتاج إلى مثل تلك الإمكانات التي تتطلبها وسائل الإعلام التقليدية من كاميرات وكوادر فنية وبشرية في سبيل إعداد مادة إعلامية تقوم بنشرها أو بثها.
لقد دفع كل ذلك بأصحاب السلع ومقدمي المنتجات والخدمات إلى اللجؤ إلى صانعي المحتوى الرقمي والمؤثرين، والذي يبرز دورهم من خلال سيطرتهم على قطاع واسع من الجمهور ومن المتابعين، وذلك عبر التفاعل والمشاركة والمرونة في التعاطي معهم، وبصورة مباشرة وتلقائية تسهم في أغلب الأحيان إلى استمالة وجذب المستهلكين والجمهور المستهدف و المتابع لوسائل الاتصال الاجتماعي وإستخدامهم كمروجين – دون أن يشعروا بذلك- ، كما يدفعهم إلى جانب كل هذا أيضاً سهولة الوصول إلى هؤلاء المؤثرين وقلة تكلفتهم المالية، وسرعة انتشار المحتوى لدى الجمهور المستهدف والمتابعين ، وإيضاً انجذاب شريحة واسعة من المستهلكين إلى هذه الوسائل الرقمية، وذلك لما تقدمه لهم من سهولة ويسر في الاستخدام والمشاهدة والقراءة والمتابعة أيضاً.
وهو الأمر الذي أصبح من الممكن إستثماره لدعم وتشجيع المنتجات الوطنية، وذلك من خلال قيام هؤلاء المؤثرين بالترويج لهذه المنتجات، وزيادة مستوى الوعي بها، وتشجيع المستهلكين على شرائها وإقتنائها، وربط ذلك بالجوانب المتعلقة بتعزيز ودعم الاقتصاد الوطني والهوية الوطنية، بالإضافة إلى المزايا المنافسة التي تتمتع بها والتي يمكن أن يلمسها المستهلك أثناء شرائه واستخدامه لها، وذلك مقارنة بغيرها من السلع سواء من حيث السعر أو من حيث الجودة.
غير أنه، ومن جانب آخر، يجب التأكيد على أنه لا يجب أن يترك هذا الدور للمؤثرين وصانعي المحتوى على عواهنه، وذلك لما يمكن أن يحدثه هذا الدور من آثار سلبية على المستهلك وعلى هذا المنتج أو تلك السلعة أو الخدمة. فالترويج يجب أن يقدم بصورة لائقة تراعي الذوق العام وتحافظ على الهوية الثقافية للمجتمع ،كما يحب أن لايتم الترويج إلا للمنتجات ذات الجودة التي تلبي احتياجات المستهلكين وفق الشروط والمواصفات التي تمنحها الأفضلية عن مثيلاتها، وهو الأمر الذي قد لا يتأتى لهم وذلك نتيجة لجهلهم أو لعدم معرفتهم – المؤثرين – بالمواصفات والمقاييس التي يجب أن تتمتع بها هذه المنتجات، وذلك لإفتقارهم للخبرات والمعرفة الفنية والعلمية التي تساعدهم على إدراك ذلك، وهو الأمر الذي ينعكس سلباً بكل تأكيد على ثقة ومدى اهتمام المستهلكين بالمنتج المحلي والوطني، وبالتالي الإقتصاد الوطني، وتقليل فرص نجاح المصنعين والمنتجين المحليين والوطنيين عموماً.
ومع اتساع نطاق الدور التسويقي والترويجي لصانعي المحتوى والمؤثرين، فقد بات من الضرورة اليوم العمل على الحد من تلكم التأثيرات والدور السلبي الذي يمكن أن يظهر أو يقوم به صانعوا المحتوى – سواء – بعمد أو بغير عمد – وذلك من خلال عمل إجراءات تعمل على تقنين دورهم وتنظيمه من خلال وضع جهات الإختصاص لقوانين ولوائح تنظم أعمالهم والتنسيق معهم بشأن المنتجات والسلع الوطنية التي هي بحاجة إلى دعمهم وتشجيعهم ، كما يجب أن يتم التنسيق معهم لعقد لقاءات توعوية وتثقيفية خاصة بهم ،ورفدهم بالمعلومات والبيانات التي تمكنهم من التفريق بين المنتجات المطابقة للمواصفات والمقاييس ،وبين تلك التي لا تنطبق عليها شروط الجودة والمنافسة ، وذلك ليتم إعداد المحتوى التسويقي والترويجي الذي يعمل على تعزيز الصورة الذهنية الإيجابية للمنتجات المحلية والوطنية ورفع مستوى تفضيلها لدى المستهلكين وذلك بعيداً عن مقاييس الربح والخسارة التي تعد العامل الأهم لدى عديد المؤثرين وصانعي المحتوى.