- رشيد سيف
وعدت أمي أن أعود منتصرا ، وها أنا في محاولتي الألف لم أفلح بعد، كما أنني منذ الطعنة الأولى بروح الثورة اللعينة أحاول تعلم الرقص ، ولكنني لم أتقن شيء سوى البكاء، الرثاء، الحب، التصالح ،الهزيمة نعم وهذه الأخيرة أبذل بغية تحقيقها جل طاقتي ، ففي الهزائم نضج أكثر ، تأويلات النصر في معارك الحياة يحسمها الموت والموت فقط، صدق الحب يكمن دوما في التفاصيل اللا متناهية، لا لأن الغباء والفشل سلاحان للمرء السوي بل لأن الإنسان روح تنمو بالحب والقصائد.
فمع الدمعة الأولى، غادرني أبي قبل بزوغ الضوء، أبي رجل لم يألف السفر قط، على امتداد52 عاما التقيته نصف عام بشكل متقطع، كان يسكن مدن اللاحنين، غرّبته مزاريب الحياة وقتلته في آن ، ك”فذحة” كان لقاؤنا وكان الغياب بطول المسافات، تركني بمفردي أقاتل،حتى انتصار اللحظة لم يحدث، لقد خانني قبل موتته الأخيرة، لذا المأساة في المنتصف دوما .
هكذا غادر نفسه قبل كل شيء، مضى نحو الحياة بعكاز هش، ظل يحاصر ذاته بالأمل، سراج هذا المدى كانت قد اطفأته الحرب ، لكنه كان دوما يضحك وكان أيضا يشبه الغيث .
فكلما حاولت التشبث بالعدم ،بالحلم، سحقتني الشظايا اللعينة ، لم يتبقى لي شيء في هذا البلد المفخخ إلا دمعتين تعني لي في اللقاء أغنية وفي الغربة نجاة ، حتى إذا ضعت كلي، أجدني في قلب “مريم”القصيدة والصباح، بالأمس نصحتني مدرستي ” بني! حاول تكتب للمرأة” ومنذ ذلك الحين والقصائد عاجزة، حاولت جاهدا، ولكنني أجهل حقيقتي كيمني حاول العيش بكل طاقته لكنه فشل ، حسنا، مازلت طفلا أمام الأزياء،يمكنني إنصاف النساء جميعهن حالما أكتب وتضحك أمي مسرة بعدالتي العُمرية! نعم أمي صوفية من نوعا أخر، تتجلى الحكمة في ضحكتها كل صباح، أمي زمزمية هذا المدى وماء ورده، أظن يكفي…،زال البأس ، لتنتهي كل هذه الهزائم الآن، يجب أن نألف السفر ، الإعتذار ، الحنين، عناق أمهاتنا…