- عبدالرحمن بجاش
لا أزال منفعلا ، أرجو ألا يفهمني أحدهم ويقول : إذا فأنت منفعل ، فلا تحكم على أي أمر بوحي من انفعالك ..كلام جميل …لكني أقول أنني أنفعل إيجابا مع برنامج جمال المليكي بما يخدم الناس ويصون دماء شباب هذه البلاد، وعندما أقول شباب هذه البلاد فأنا أعني أن قطرة دم من شاب يمني من المهرة حتى صعدة، غالية جدا.. يبقى الدور على من يبيعون ….
يضرب الوجع في روحي عندما يتصل أي صديق أو قريب لينقل إلي آخر أخبار الألم : فلان إبنه قتل قبرناه اليوم ، علان إبنه قبر أمس ، زعطان خرجت جنازته أول أمس ..، ويزيد الألم عندما يزيدك أحدهم خبره الخاص : هيا الله يرحمه قد أشترى أبوه دباب بالسعودي التي صرفت له ، وأخذ منها المقاول نسبته !!!
لن أقول أتحدى أن يكذب أي كان هذا ، أتحدث عن مناطق الحجرية ،وقدس منطقتي تحديدا ، وأبكي على من سقط في حرض أو ميدي أو في البيضاء ومأرب والجوف ….
والآن سأحكي لكم الحكاية :
كلما يسمع طرقة على الباب يفز سريعا : من ؟ سامح ، يفتح فإذا به أحدهم أو إحداهن تسأل عن أمر ما ، تتكرر الحكاية كل نهار، وفي الأمسيات تراه يجلس إلى الجدار عينيه إلى الطريق عله يعود ، فيقنعه أذان المغرب بالدخول إلى البيت ، يعني أن الذي ذهب لن يعود، فيطول الإنتظار، عمموا هذه اللقطات على كل بيت خرج منها شاب ولم يعود ….
الليل يتحول إلى كابوس ، يقضيه الأستاذ المساح بين التمني والرجاء ، بين الخوف والقلق .. سامح لم يعود .. حتى ريح الليل تتحول إلى وحش يأخذ بتلابيب الروح …
ذات صباح ،تجاوز سامح محمد المساح ذلك الشاب الممتلئ عزة وكرامة مثل والده ، تجاوز والده عند الباب وذهب ، كنت أصيح : يا وليد سيبيعونكم ، صدقني سيبيعونكم مثل الأولين ، لم يسمع ، الحاجة أقوى ، الفراغ قاتل ، ذهب …
أيام، ذات صباح أتصل بي من الوديعة : جاء صوته متعبا واهنا ،حتى أنني دمعت :” يا أبي ما قلته لي ولم أسمعه طلع صحيح، باعونا، أشتي عشرين ألف وبرجع “…
قال المساح : دبرت عشرين ألفا وحولتها ، تخيلوا فقط كيف دبر المساح ذلك المبلغ !!!
لم يعد يا صاحبي ، أنا “أفدي الدين حقك يا عبدالرحمن شوف يا أخي كيف اشتفعلنا ” ، لأول مرة أحس بالعجز ، إذ لم أعرف من أسأل، لأنني لا أعرف أحدا من رجال اللحظة …، شوف يا أخي هل مات ، هل هو بين الأسرى الذين أتوا بهم من صعدة ….؟!
أتصلت بصديق، قال أنه أتصل بصديق ، النتيجة صمت مرعب .. ماهو واضح وبائن أن سامح لم يعد، وربما لن يعود، وكذا مئات الشباب ممن باعهم المقاولون ، ويسميهم الطرف الأخر” المرتزقة ” …لو لم تكن الحاجة قاتلة اللحظة فلن يذهبوا ، سيظلون يعرقون ويغمسون اللقمة بالكرامة …..
قلت : يا أستاذ كيف ؟ قال : يا إبن عمي ، عندنا بعض البيوت خرجت منها جنائز ..
ماذا يمكن للشرعية أن تقول للمساح ؟؟؟؟؟!!!!!
ماذا يمكن لأي طرف من أطراف اللعبة أن يقول لكل أب مكلوم في طول البلاد وعرضها.. شباب يموتون ، لا يدرون لماذا ؟؟ فقط يدرون أن أبا هناك أو أم مسكينة تنتظر أو ينتظر بضعة ريالات للأكل والجاز ..
ماذا أزيد ؟ ماذا أضيف ؟؟
الذي أعرفه إلى اللحظة أن أستاذي وصاحبي المساح لايزال ليله طويل أكثر من اللازم …وغيره كثيرين..
يا أرحم الراحمين لك وحدك أقول بإسمهم : تعبنا، يكفينا ..
لك الأمر من قبل ومن بعد.