- صلاح الأصبحي
ليس بوسعنا العثور على مفردة لغوية تناسب مقاسه وتستوعب خطورته ومدى الخوف الذي تحت إبطيه وهو يجتاح العالم قارة قارة ودولة دولة رغم تحركه البطيء والصامت واكتساح دولاً ذات عيار ثقيل وإيقافها على ساق واحدة .
كورونا فيروس نعم كتجنيس علمي له لكننا لن نناديه بهذا اللطف ونكن له التقدير الذي إن أدركنا نحن العرب سنتلاشى من الخريطة نظراً للظرف الإنساني الذي نقبع وسطه وتردي وبؤس حياتنا التي نمارسها للتو وإخفاقنا في كل شيء كمجتمع ودولة كل شيء, ويا للألم المنبعث من أعماقنا ونحن نعرف فشلنا الذريع في وجودنا كمجتمعات رثة ..
ما أود ثرثرته هنا فيما يخص السيد كورونا هذا الخيار الذي يفرض وجوده إجبارياً ويركع مجتمعات بالغت في قدرتها لردع الشر الآتي حتى بعد ألف عام, تنوعت هذه المبالغة بأشكال عدة منها ما عملت عليه السينما الأمريكية منذ سنوات في اختراع الأفكار والتخيلات التي ستكون نهاية العالم كالزومبي والعديد من الاختراعات العلمية الدقيقة ووصول الإنسان لمرحلة السعي إلى حتفه بما لديه من علم ..
الأدب بخيالاته الفظيعة وبالأخص السرد حيث أنجز روائيون أفذاذ أعمالاً مرعبة وتكاد تكون خارقة ..
السياسية العالمية للدول العظمى بلغ توجسها وهيمنتها وسلوكها العالمي تجاه شعوبها وتجاه العالم الآخر مبلغاً يتكئ بشكل فاضح على الزيف والخداع والهيمنة لدرجة أننا لا نفهم خططها إلا بعد عقود وذلك للتعقيد والتشفير المصاحب لتلك السياسات القذرة التي غدت تستعبد الشعوب المستضعفة والهشة الوعي والسياسة بفتات وتهكم مبطن بالاحتقار ..
نعم لقد قطع الإنسان شوطاً هائلاً إبان الحرب العالمية الثانية وتسارعت منجزاته لتفوق قدرته واحتياجاته وكلما توصل لأمر ما مكتشفاً إياه نظر إليه بزدراء وفكر بآخر أكثر عبقرية بغض النظر عن خيره أو شره لأبناء جنسه , ولذا فإن كورونا ليس خارجاً عن نسق الهيمنة وصراع التسابق الدولي الذي يتحكم بمسار الدول الكبرى المتوحشة تجاه غيرها ..الآن بالفعل نحن كالأطفال لا ندرك خطورة ما عليه العالم والمستقبل لأن وجودنا العبثي جعلنا بلا معنى دون أن نأبه يوماً ما أو نفكر ولو من باب الخيال بهذا اليوم الأسود ونحاول تطوير حياتنا كعرب معرفة وسياسة لنقف بثبات أمام هذا الاجتياح ..
وحدهم الكبار هناك في تلك الآفاق الشاسعة يدركون ما هو وإلى أين وما هو مسار هذا الرعب الطائش الذي يقضم حاضرنا بخبث دون تردد ..
العجز الذي نلحظه عالمياً تجاه كورونا ليس واضحاً وجلياً أو مبرراً وأظن أن خلق الفيروس يتضمن التدابير الرادعة له, هذه المعادلة التي لم نصل لها بعد ..
ما نعرفه فقط عدد الضحايا وتوقف الحياة في معظم مدن العالم …
كورونا بالنسبة لنا كحال الجثة التي تحلم بكوابيس مرعبة ..