- محمد ناجي أحمد
الثورة في أوضح صورها تتجلى في قوله تعالى(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِين)…
اليوم شاركت اعتصاما وتظاهرات للتربويات والتربويين ؛احتشدوا من أجل رواتبهم التي امتنع بنك الكريمي عن تسليمها لهم .
اختار التربويون والتربويات ثلاث مدرسات وثلاثة تربويين،وكنت منهم.
اجتمعنا بعلي الكريمي ،ليقول لنا:
رواتبكم موقوفة لأنكم منقطعون عن العمل!
منقطعون عن العمل في زمن الحرب الأهلية؛التي هي في جوهرها حرب بالوكالة الإقليمية!
منقطعون عن العمل لأنهم فروا برؤوسهم من الموت عمدا وسهوا،ولأن بعض ذويهم قتلوا قصدا وسهوا! والمطلوب ممن عاش أن يعود ليلقى حتف أنفه،وليتم التمثيل بجسده حتى الرمق الأخيرمن الموت!
اليوم تواصلت مع أحد أصدقائي الحميميين في الضفة الأخرى،ولا ضفاف في اليمن سوى ضفة واحدة مستهدفة،وهي دماء اليمنيين- لأقول له كيف نعود لتقتلونا؟
فقال لي ضاحكا: لا تجيئوش ،نحن (قادمون يا صنعاء)! لافتة هزلية تم استثمارها بعقارات واستثمارات بآلاف المليارات!
حتى أن صاحبي البرلماني شوقي القاضي ،وفي زمن الحرب،في العام الماضي يكتب منشورا وعظيا لجماعته ،فحواه:
لا تبذروا وادخروا،واستثمروا في العقارات!
نعم يا صاحبي ،وكل عقار هو ركام من أجساد المستضعفين الذين ذهبت دماؤهم هدرا للتتراكم بنكنوتكم واستثماراتكم!
نحن في زمن التفاهة والموت المجاني!
هي متاهة ليس فيها الحقيقي والملموس سوى دماء اليمنيين،التي تسفك لمجانية وعبث إقليمي ،ليس له سوى هدف واحد :المزيد من دماء اليمنيين،وما دون ذلك غبار ومسرح سوداوي ،وبعض الهزليات الثورية ،فالنقباء اليساريون مستمرون برطانتهم ونخيطهم(البرطي) طالما أن معيشتهم مؤمنة،ووظائفهم من شرعية التحالف تدر عليهم معيشة غدقا!لذلك لا ضير من ترديدهم مقولات للمفكريين التنويريين والنهضويين والثوريين والاصلاحيين،وباسترخاء لا يعرف قاع المسحوقين!
اعترف أنني بكيت اليوم عديد مرات،بعد أن غالبت نفسي ولم أستطع،وفي كل مرة كنت أغالب دموعي وأنا أستمع وأشاهد تربوية قضت أكثرمن ثلاثة عقود في التدريس،وتبحث عن راتب صارت قيمته الشرائية أقل من ربع ما كانت تتقاضاه عام 2010م،لتسدد إيجارالشقة التي نزحت إليها في صنعاء،مع أولادها ومنهم ابنتها المنغولية؛من ذوي الاحتياجات الخاصة!
اعترف وأنا التربوي الذي أديت خدمة التدريس الالزامي عام 1987،والتعاقدي عام 1988م وإن لم استمر،ثم واصلت العمل التربوي في التدريس في كل مراحل التعليم الأساسي والثانوي لمدة ربع قرن تقريبا-اعترف أنني بكيت وأنا أشاهد تربويات قديرات يبحثن عن جزء من حقوقهن واستحقاقهن،لينفقنه في الايجار وأقل مما يمكن أن نسميه إعاشة!
الراتب لم يعد سوى ضمان اجتماعي لمن هم دون خط الفقر،ومع ذلك يتم إيقافه امتهانا لكرامة الإنسان في أعلى رمزية له وهم التربويون والتربويات!
حتى مشرف أنصار الله في منطقه حدة السكنية وجنوده تحولوا إلى حماة للكريمي في مواجهة حقوق التربويات والتربويين،ويهددون باستخدام أكثر من( عشرين خيارا) لتفريق المتظاهرين!