- ضياف البراق
يتكلم معي حول قضية ما ثم يقول “كل هذا سببه الفهم الخاطئ للدين”، فينتهي من كلامه وأصمتُ أنا إلّا عن التساؤل: طيّب، ما هو الفهم الصحيح للدين، وأين هو؟
كاتب ثانٍ سيختم مقالته بأنّ “هذا الصراع الطوائفي سببه الفهم الخاطئ للدين”، وهو غير مقتنع بهذا التفسير، كما يبدو، لكن الذي جعله يصوغه “هكذا” هو خوفه على نفسه من القمع والتصفية.
كاتب ثالث يأتي بها أيضًا في مقالته عن التطرُّف الديني ويكررها ثلاث مرات.
كاتب تنويري آخر يكرّرها باستمرار في مقالاته النقدية، اليومية أو الأسبوعية، ولا يشعر بالملل أو اليأس، بينما هو يعلم أنه بهذه الطريقة لا يقول حتى نصف الحقيقة. والتنوير الذي لا يقول الحقيقة كاملةً، أو الذي لا يعبِّر عنها بشكلٍ واضح وجيّد، يفشل وينتكس.
وقد تأتي تلك العبارة المستهلَكة بهذه الصيغة الباردة التي صارت مملة جدًا لكثرة تداولها “العيب في المتدينين لا في الدين” لكن الواقع لا يؤكد صحتها.
وهؤلاء، كما يبدو أمرهم للقارئ العميق، لديهم الرغبة الكاملة للقول بأنّ الدين نفسه هو أصل المشكلة، ولكنهم لا يفصحون عن موقفهم بالعبارات الواضحة أو الدقيقة؛ كمحاولة منهم للنجاة من لغم التكفير أو النبذ أو السجن أو القتل!
ومن الطبيعي لجوء الكاتب الحُرّ إلى مثل هذا الروغان في الصياغة، لحظةَ الكتابة أو النشر، خصوصًا في البلد الذي يضيق بالحريات ويخنقها ويضطهد أصحابها.
والنص الديني كان وسيبقى محل خلاف بين عديد المفسّرين والشُرَّاح والمفكرين؛ ربما لبساطته وعدم منطقيّته ولأنه لا يحتمل خطورة الاشتباك مع العقل الجدلي العميق. والعقل العلمي عندما يضع النص الديني تحت عدسته الدقيقة، لا يبدو له هذا النص إلّا مجرّد لغو. ومحاولة التوفيق بين الفلسفة والدين هي ضرب من العبث. وأنا شخصيًا لا أَفهَمُ هذا ولا ذاك. ليكن الله في عوني.