- كتب: محمد ناجي أحمد
“محطات من تاريخ حركة اليسار في اليمن-تجربة شخصية- للأستاذ سلطان أحمد زيد- والصادر بطبعته الأولى عام 2020م، ,عن مركز إرم للتنمية الثقافية والدراسات التاريخية- لكن الكتاب لم يصبح متاحا لعموم المتلقين إلاَّ في يناير 2021م.
من عتبة الكتاب تستقبلنا عبارة لـ “جوزيف هورس” تقول ” كل شيء يتغير عندما نتبين أن التاريخ ليس إلاَّ حياة الناس، وأنه لم يصنع من مادة أخرى” بمعنى ان هذا الكتاب هو محطات من حياة الناس.
يفتتح المؤلف كتابه بكلمة شكر يوضح فيها الغاية التنويرية “تنوير الأجيال الجديدة بحقيقة المسار التاريخي للحركة الوطنية الحديثة.”
بدأت فكرة الكتاب والسير في إنجازه منذ عام 2016م ليأخذ هذه المسافة الزمنية الطويلة، وليمر بمنهجية الحوار، وعند تقديم المحتوى للقارئ تم تحويل منهجية الكتاب وإعادة تقديمه سرديا بضمير المتكلم، مما يجعل السؤال ” المُحاوِر “وهو جزء من متن الكتابة متواريا بصريا ومفعولاته الدلالية تصبح جزءا متماهيا ومذابا في المتن السّيري والتحليلي والمعلوماتي.
ما يوضحه “باسم الحاج” في حديثه عن قصة الكتاب، وتبديل منهجيته عند تفريغ التسجيلات من حوار إلى سرد بضمير المتكلم باعتقادي لم يكن في مصلحة البوح العفوي، فقد جعل الكتاب هجينا من السرد الذاتي ومقالات الرأي والدراسة، في محورية للذات النقية والنزيهة في طريقها التحرري، شأنها شأن جميع المذكرات التي تنمو فيها الذات كمراقبة للأحداث وناقدة ومصححة ومتنبئة ومرشدة، الخ، في خيط سردي رسالي ونبوئي.
يقول المؤلف “إن تاريخ الحركة الوطنية لم يدون بحيادية حتى الآن وأن اعتوارات وتشوهات جمة لم تزل تتلبس هذا التاريخ بمحطاته الجغرافية والزمنية”.
ليس هناك كتابة محايدة، وليس هناك تدوين عند درجة الصفر. الذاكرة موقف وحرب في آن، بكل إرجاءاتها وتأويلاتها وحذفها وتكثيفها الإضائي لهذا المنظور أو ذلك الحدث، للشخصيات أو المنعطافات. واختيار هذه “المحطات” ليس فعلا عفويا واعتباطيا، إنه فعل غائي شديد القصدية والانحياز، للذات في آلامها وآمالها وتطلعاتها.
اختار “باسم الحاج” في تقديمه لهذه المحطات عنوان ” سلطان زيد : الأحلام الرومانسية والتفاؤل الموضوعي” وإذا كنا نرى في الشطر الأخير من العنوان “التفاؤل الموضوعي” قدرا من التوفيق الدلالي فإن الشطر الأول منه “الأحلام الرومانسية” لا نرى أثره في هذه “المحطات” شديدة الواقعية، بل وفي بعضها شديدة الألم والرغبة في الاقتصاص، ذلك الألم الذي يتضخم ليصبح هو المنظور الذي من خلاله يتم إعادة رسم الأحداث والشخصيات والمراحل من رحم الجرح الفاغر والمتخثر في آن بتراب وظلام الزنزانات وجروح أعقاب السجائر وآثار الفلكة على الأقدام، أكان جرحا يخصه أو جراحا سمع بحكاياتها فامتزجت الأوجاع بتلاش أو تماه مع قصص التعذيب التي تداولتها آلام المعتقلين السياسيين.
يشير “باسم الحاج” في تقديمه إلى أن “صموئيل هنتنغتون” هو صاحب بشارة “نهاية التاريخ” والحقيقة أن “نهاية التاريخ” لفوكوياما، في توجه نحو تكريس قهري في الأذهان لـ “بداية الرأسمالية” كأيديولوجيا منتصرة إذا جاز توصيفها. “فصموئيل هنتنغتون” بناء على “نهاية التاريخ” و”بداية الرأسمالية” انشغل بتأسيس هوية “من نحن” على أساس توصيف “الغير” الثقافي والعرقي.
من “دار الكولة” “قرية محيلقة –طريق التربة تعز، وعلى بعد 60كيلو متر من مدينة تعز يولد “سلطان أحمد زيد” سنة 1944م، من أب يعمل قاضيا شرعيا، وام تفقه قضايا الشرع من زواج وطلاق وإرث وبيع وشراء، وانشغال بمهام الفلاحين. من بيئة تأثرت بحركة الأحرار “وصوت العرب” ورفض الظلم نما الحس النضالي للمؤلف، ومن معلامة القرية حفظ القرآن وتعلم القراءة والكتابة، إلى عدن والالتحاق بمدرسة “النهضة الأهلية” فـ “المعهد الإسلامي” عام 1955 في أول افتتاح له، ولتحدد مستواه بالصف الرابع الابتدائي.
ومن النوم في “زريبة أبقار” والنوم في “المسجد” والقراءة على ضوء عمود في شارع الزعفران، يراكم “سلطان أحمد زيد” معارفه وتحصيله العلمي والثقافي، بقراءة الكتب ومشاهدة الأفلام في “السينما الأهلية”، ومن العمل في مطبعة “البعث” وجريدة “الشعب” و”اليقظة” يتراكم الوعي بالقضايا الوطنية، والعربية ” مع التحرر والعدالة، وضد التخلف والاستبداد، والمساندة لعبد الناصر وقضية فلسطين”.
ومن عدن وبعد حصوله على الشهادة الإعدادية يذهب للتدريس في “شبوة” في “ميفعة” للعمل مدرسا لمواد الجغرافيا والتربية الوطنية واللغة العربية.
وحين تضيء ثورة 26سبتمبر 1962م أفق اليمنيين تصله رسالة من “علي عبد العزيز نصر” من تعز يقول له فيها ” ارجع سريعا، فوطنك يحتاج إليك”.
“علي عبد العزيز نصر” بحسب المؤلف كان البعض يحسبه عميلا للإنجليز والبعض يصفه بالشيوعي، هو أحد قيادات اتحاد القوى الشعبية مع رفيقه “محمد عبد الرحمن الرباعي”.
في تعز يلتحق سلطان أحمد زيد بالمركز الحربي، وكانت المخابرات المصرية شديدة المراقبة للمركز وما تحسبه نشاطا شيوعيا، لهذا تم اعتقال العديد من الملتحقين في هذا المركز، وكان نصيب سلطان أحمد زيد أن سجن في صالة ثم في سجن الشبكة.
يتحدث المؤلف في سياق تناوله للعلاقة العدائية بين الحركيين والشيوعيين عام 1963م أنه في مقهى أسفل العقبة بالقرب من البنك اليمني للإنشاء التقى لأول مرة بسلطان أحمد عمر، حينها كان سلطان أحمد عمر من القادة المؤسسين لحركة القوميين العرب إقليم اليمن هو وفيصل عبد اللطيف ويحيى عبد الرحمن الإرياني. فقد كان انتماءهم مبكرا منذ عام 1956م.
كانت المخابرات المصرية تستقطب بعض الشباب “للتجسس على المركز الحربي والمتدربين فيه، وتبث الدعاية بأنهم يقومون بحملة ضد الشيوعيين، وذكر الرفيق سلطان أحمد عمر أن البعض يعدون كشوفات بأسماء العملاء. لا غرابة من حديث الرفيق سلطان في ذلك الوقت فقد كانت الحركة تضمر الكراهية والعداء للشيوعيين” يقول المؤلف “بالطبع لا أقصد هنا إلصاق تهمة أو تثبيت جريرة ما بأثر رجعي تقلل من مكانة أي رفيق وفي مقدمتهم الرفيق المناضل سلطان أحمد عمر”
يصف سلطان أحمد عمر في كتابه «نظرة في تطور المجتمع اليمني» الصادر عن دار الطليعة، والذي أنجزه في عام 69-70م – “حركة القوميين العرب” بأنها “كانت ناصرية حتى العظم.”
ويكتب الدكتور محمد علي الشهاري عن التحولات الفكرية لسلطان أحمد عمر وتبنيه لـ “الاشتراكية العلمية” فقد كانا في لقاءاتهم وحواراتهم في مصر يتحاوران كثيرا في النصف الثاني من خمسينيات القرن العشرين وكيف كان سلطان أحمد عمر شديد التعصب لحركة القوميين العرب والعداء للشيوعيين اتساقا مع قناعات وأدبيات وبيانات الحركة.
يشير المؤلف ، صاحب هذه “المحطات” إلى لقائه بسلطان احمد عمر في بداية تسعينيات القرن العشرين وهو متوجه للسفر إلى الولايات المتحدة للعلاج، وأن سلطان أحمد عمر طلب من المؤلف نسخته من كتاب “نظرة في تطور المجتمع اليمني” كان يريد مراجعتها أثناء رحلته العلاجية إلى الولايات المتحدة، فاعتذر المؤلف عن ذلك لعدم وجود الكتاب بسبب مداهمات الأمن العديدة ونهبهم لمكتبته. ويشير المؤلف إلى ان سلطان أحمد عمر توفي لأنه لم يستطع توفير عشرة ألف دولار لعلاج قلبه. والحقيقة أن المبلغ المطلوب لتغيير القلب المعطوب بالأوجاع والقهر كان 250 ألف دولار وليس عشرة ألف كما توهم المؤلف.
في كتابه “أفكار تشع بلون المطر”، الصادر عن التوجيه المعنوي، عام 2010، يتحدث “سعيد أحمد الجناحي”، في مقال بعنوان “طنجرة الرفاق لم تغْلُ بعد”، والمنشور في صحيفة “26 سبتمبر”، بتاريخ 3 أبريل 1993، عن مرض سلطان أحمد عمر، الذي التقاه وعلم منه أنه يعاني من تضخم في القلب… وحين التقى الجناحي بالرئيس علي عبدالله صالح ونائبه علي سالم البيض، التزم النائب بأن يدفع الحزب 50 ألف دولار، والتزم الرئيس بتسديد 250 ألف دولار، شرط أن يبدأ الحزب بتسليم الـ50 ألف دولار لأمانة مجلس الرئاسة. لكن الحزب لم يدفع، بحسب رواية سعيد الجناحي، وعلي عبدالله صالح ظل مصمماً على أن يبدأ الحزب بدفع ما التزم به علي سالم البيض.
وبين عجز الحزب ومكايدة صالح سقط “فارس” سلطان أحمد عمر ميتاً في المستشفي في “هيوستون”، دون أن تجرى له العملية.
يكتب المؤلف “سلطان أحمد زيد” في محطاته هذه عن تعامل المنتصرين في كارثة 13يناير وكيف أجبروا سلطان أحمد عمر على الكتابة في الجريدة ضد علي ناصر وما سمي حينها بـ “الطغمة” ويكتب الجناحي عن حكاية تعذيب المناضل سلطان أحمد عمر في “معاشيق” بعدن، إثر اعتقال الرفاق له في تلك الأحداث 13 يناير 1986، متهماً الحزب باستخدام الصدمات الكهربائية في تعذيبه، مما أثر على عضلات قلبه…
من وجهة نظري فإن صورة “سلطان أحمد عمر” الواقعية كما هي في مساره ووعيه النامي تمت إزاحتها وإحلال صورة من صياغة خصومه. لقد استخدمتُ وصف «حكيم الوطنية اليمنية» في إحدى مقالاتي عنه، في نعتي لسلطان أحمد عمر وأنا لا أقصد بذلك صفات التروي والتأني في اتخاذ القرارات والمواقف فحسب وإنما رؤية وموقف سلطان لأحمد عمر الجذرية والواضحة من طبيعة الصراع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في اليمن، وتحليله النظري والاجتماعي من واقع الملاحظات والدراسة الميدانية لسيطرة طبقة الإقطاع، ممثلة بالمشائخ الذين يسيطرون ويستحوذون على عرق الفلاح وعمال الزراعة، ويملكون كل شيء من الأرض إلى البيت إلى حياة الفلاح الشخصية!
كان «سلطان أحمد عمر» ينأى بنفسه عن السلطة ويصفها بـ «كرسي الحلاق» ، ويتمتع بكارزمية وقوة شخصيه وجرأة في اتخاذ القرار ،وخياله الذي يستخدمه في الوقت المناسب كما يصفه أحد زملائه.
نأى بنفسه عن الصراع بين المحتربين في مذبحة 13يناير 1986م، على عكس جار الله عمر الذي كان بوصلة فاعلة في تلك الأحداث، وهذه كانت نقطة خلاف بين سلطان أحمد عمر وجار الله عمر. كان رأي سلطان أحمد عمر ألاّ ينخرط فرع الشمال في الصراع كي لا تتسع دائرة العنف ويحدث فرز مناطقي وجهوي، لذلك تعرض وتياره في الوحدة الشعبية إلى الإقامة الجبرية بعد مذبحة 13يناير 1986م»
لقد كان نضوج جار الله عمر النوعي بعد أحداث يناير، في حين أن نهج سلطان أحمد عمر المبني على رؤية تحليلية اجتماعية هو ما يميزه في كل المنعطفات.
كانت رؤيته في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات القيام بثورة شعبية في الشمال تستكمل الثورة في الجنوب، مستلهما في ذلك «التجربة الفيتنامية» لكن جار الله عمر وأحمد علي السلامي وغيرهم بالغوا وغالوا في الاستخدام المفرط للكفاح المسلح ،لقد كان سعة إطلاع سلطان على تجارب ثورية عربية وعالمية ووعيه المنهجي الاجتماعي والاقتصادي يجعل الرؤية أوسع وأشمل.
يتحدث عبد الله الراعي في كتابه “قصة ثورة وثوار…”عن جار الله عمر بأن كلا منهما كان يتربص بالآخر ليقتله؛ أي عبد الله الراعي وجار الله عمر، وأن جار الله عمر تطور بعد ذلك.
لقد كان (سلطان أحمد عمر )مع التنوع في إطار الحزب الاشتراكي، ورؤيته أن تتأسس الدولة في الجنوب، وتتجه فصائل اليسار لإسقاط القوى الرجعية في الشمال. واختلف مع عبد الفتاح إسماعيل في استراتيجية الجبهة القومية في توحيد اليسار واحتواء فصائله، وتمييعها في حزب الدولة. لهذا كان هناك نوع من التنافس والصراع البارد بين الجبهة القومية والحزب الديمقراطي الثوري بسبب ما يمتلكه الأخير من قيادات واعية ومستقلة.
يتحدث المؤلف صاحب هذه المحطات عن مؤتمر خمر فيقول ” حين انعقد مؤتمر خمر في أبريل 1965م” وهنا يخطئ المؤلف في التاريخ، فمؤتمر خمر عقد في مايو 1965م. وحين يشير إلى بعض المشاركين في هذا المؤتمر، سواء مشايخ القبائل بزعامة عبد الله بن حسين الحمر وقيادات الإخوان المسلمين، عبد المجيد الزنداني وعبد الملك الطيب، وكذلك البعثيين، والأستاذ محمد النعمان-يقصد الأستاذ أحمد النعمان-وحتى بعض الأخوة الماركسيين ذهبوا إلى خمر، مثل عبد الله الصيقل، بمبرر أن عبد الله الأحمر كان صديقا له.
والحقيقة أن مشاركة بعض الماركسيين في مؤتمر خمر مايو 1965م لم يكن موقفا شخصيا سببه الصداقات وإنما لأن الصورة لم تكن واضحة للماركسيين، ومن ذلك موقف “عبد الله باذيب” الذي كان مؤيدا للمؤتمر، فقد نشر باذيب في صحيفة (الأمل) العدد 1-6يونيه 1965م –مقالا بعنوان (معالم على طريق خمر ) لم يكن على اطلاع وفهم لمؤتمر خمر ومقرراته ،ولذلك كتب عنه قائلا «وكان المؤتمر تجسيدا رائعا لإرادة الشعب اليمني ،واختياره الجمهوري ،ورغبته في أن يسود السلام على أراضيه من اجل أن يتفرغ لبناء بلاده وتصفية بقايا العصور الوسطى» ص 112-كتابات مختارة ج2. لكنه حين اتضح له أن هذه القوى هي بقايا العصور الوسطى ، من أشباه الإقطاع والملاك نحت كتاباته باتجاه كشفها ونقدها ، فمن ذلك المؤتمر وقراراته كان مؤتمر الطائف ، والتآمر على إسقاط اسم الجمهورية ، واتخاذ اسم (الدولة الإسلامية ) بدلا عنه ،وإحلال السعودية والاستعمار بدلا عن جيش مصر !
ففي مقاله ( طريقان للتطور في الجمهورية اليمنية ) المنشور بصحيفة الأمل –العدد 2-12يونيه 1965م –يحدد باذيب القوى المضادة للثورة بـ “ممثلي الملاك الكبار للأرض وأشباه الاقطاعيين من مشايخ قبائل ورجال دولة سابقين ،الذين التحقوا بحكومة الثورة قد عملوا بمثابة لجام للدفع الثوري ،وساعدهم في ذلك عدم وجود رؤية زراعية واقتصادية عميقة عند الآخرين” ويأتي في سياق موقفه هذا نقده لكتاب (نكسة الثورة في اليمن) الذي نشره عبد الملك الطيب أحد أهم أعمدة التنظير للمؤتمرين في خمر ،والذي نشر كتابه باسم مستعار ( عبد الإله عبدالله) فكتب باذيب حينها مقالا بعنوان ( الثورة لم تنتكس) معتبرا كتاب (نكسة الثورة في اليمن ) بأنه «يقدم ذخيرة خصبة لأعداء الثورة» وقد اعتمدت عليه نشرات الملكيين ،واقتبست منه العديد من المقتطفات. ثم تناول باذيب قوى خمر بمقال آخر بعنوان ( الثورة اليمنية والمشايخ ) نشر في صحيفة الأمل –العدد 9- 11أغسطس 1965م .محللا لطبيعة هذه القوى المعيقة للثورة ،ومؤكدا أن خطأ الثورة أنها لم تغير العلاقات الإقطاعية والعشائرية ،التي يستمد منها المشايخ نفوذهم وقوتهم .ص128-129-كتابات مختارة-ج2.
يخطئ المؤلف حين يؤرخ زمنيا لـ “مؤتمر الطائف” بأنه كان نتيجة لفشل “مؤتمر حرض” فقد عقد مؤتمر الطائف بعد مؤتمر خمر بل وبناء على مقرراته، ثم كان اتفاق جدة بين الرئيس جمال عبد الناصر والملك فيصل، ومن مخرجات ذلك الاتفاق كان مؤتمر حرض.
في عام 1966يسرد صاحب “المحطات” تجربة السجن الثالثة ، وذلك إثر نقاشات في ملتقى للشباب كانت يجمع المثقفين والضباط الخريجين من مصر والملتحقين بالأمن كـ “عبد الرحمن الحداد، وعبد الواحد السياغي، وعلي عبدربه السلامي وعبد الله الحمدي” تدور نقاشات بين المثقفين، وفي أحد اللقاءات احتد النقاش بين “الرفيق عبد الله صالح وكان يشغل منصب وكيل وزارة المالية، وبين عبد الله الحمدي، مدير المباحث”
وفي المساء تم اعتقال المؤلف وكذلك عبد الله صالح، وتم احتجاز الاثنين في المباحث، في زنزانة ترابية، واستمر الاعتقال عشرين يوما.تَذكر بعض الكتابات أن عبد الله الحمدي كان في النصف الثاني من الخمسينيات في مصر محسوبا على أول خلية من اليمنيين انتمت للشيوعيين، ويحسب كذلك بأنه من متعصبي حركة القوميين العرب. ويبدو لي أن انتماء العديد من الضباط والمشايخ للأحزاب في تلك الفترة لم يكن مبني على الاعتقاد والوعي بالأيديولوجيات وإنما انسياق مع المزاج العام أو لمصلحة ترجى.