- عبدالملك الحاج
انتصف الليل وحان موعد التحرك الى اطراف الناحية منطقة (شرار) الواقعة على الخط الحدودي مع الجنوب، نهض اعضاء التنظيم وتقدم المغبش ليتولى قيادتهم في السير عبر طرق فرعية بعيده عن الانظار، انطلقوا من نجد (قُعَيش) على محاذاة جبل (قلة) باتجاة (الشياح)، ليمروا بعد ذلك باعلى (الجاهلي)، وما ان وصلوا الى نجد (المُشَقَّر) حتى انحدروا نحو سوق الاثنين باتجاه (ثباب)، وقُبيل الفجر كان وصولهم الى المكان الذي يتواجد فيه( علي سيف) مسئول التنظيم المقاوم بالناحية الذي كان بانتضارهم هناك.
يتحرك المغبش مساء اليوم الثاني عائدا الى قريته على ظهر حمار صبياني يحمل ذخائر خاصة بالتنظيم.
انطلق به الحمار مسرعا الى ان وصل إلى (ركب الخياشن) وهناك تعود الذاكرة بالمغبش الى الوراء، فيتذكر ما عاناه من ظلم من قبل المشايخ والاعيان اثناء فترة شبابه.
يتذكر اللحظة التي تم فيها طرده من قريته بسبب ركوبه بغلة الشيخ، ولنفس السبب كان رفض المشائخ قبوله كي يسكن في اي قرية اخرى تضامناً مع الشيخ.
تذكر المعاناة الحقيقية التي يعيشها جميع المغابشة من ابناء فئته في انحاء البلاد وما يلاقوه من اذلال ومهانة ومعاملة سيئة لا يرتضيها دين ولا يقبل بها شرع انها مجرده من جميع القيم الاخلاقية والانسانية، فتتعزز قناعاته اكثر بضرورة مواصلة النضال ضد المتسلطين من قادة ومشايخ ومستغلين.
يصل المغبش الى (السنبة) بالنجد قبل منتصف الليل واذا باحد الكامنين يناديه من بين كومة الاحجار قائلا:
من باليل!!
المغبش:
هيا مو قا معانا يا مشايخ، انا المغبش.
الفودعي:
مو معك فوق الحمار؟!
المغبش:
معي وزف.
يقترب الفودعي من المغبش ويقوم بالتفتيش فيعرف بان الحمول ليس (وزف).
عبد الجبار:
مو محمل يا فودعي؟؟ فتشه سوى!!
المغبش:
مو يفتش هي الا شغمة وزف ما تستاهلش.
الفودعي:
معه جونيتين، باين علوه يشا يوقع تاجر وزف.. هيا حن يا مغبش.
عبد الجبار:
والحمار منين انديته يا مغبس؟!!
المغبش:
الحمار حق (الصُلَيَع).
يواصل المغبش السير الى ان وصل منزله في ذراع الابل بسلام، وفي صباح اليوم الثاني يتوجه الى سوق الراهدة ويلتقي هناك بالمجيدي ويخبره بان قيادة التنظيم ترى بان الوقت قد اصبح مناسبا لتنفيذ العملية.
في المساء يصل المغبش الى تبة المجيدي بصحبة فتوان، وكان الحديث في تلك الليلة يدور حول تنفيذ العملية.
المجيدي موجها حديثه الى المغبش وفتوان قائلا:
اسمعوا سوى وفتحوا اذانكم، غلطه صغيره لو وقعت شطيرين رقابنا الثلاثة، السامان اللي معانا بينهم صحن هدية للقائد اللي قتل العبسي بالجبارنة ولازم يوصله.
فتوان:
كيف اشنقدر نوصله وهو محوط بالقوات والحراس من كل جنب.
المجيدي:
هذي تشتي له تكتكة سوى.
المغبش:
تكتك يا مجيدي تكتك، يعلم الله كيف اشتكون عُقبيته!!
المجيدي:
الخطة قي مرسوم برأسي، باقي التنفيذ، وانا وانتم اشننفذه.
قام المجيدي بشرح الخطه للعملية التي سيتم تنفيذها في (حول الذيب) الذي يقع بالقرب من منزله ما بين (صبل غالب المرد والكدحة)، المكان القريب من جبل (شميلة) الموقع العسكري والذي يبعد عن مكان التنفيذ مسافة لاباس بها.
تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل يعود المغبش بعد ان قام بعملية استطلاعية ليخبرهم بان المكان آمن، على الفور حمل (فتوان) الشوال وانطلق حتى وصل الى حول الذيب وتوقف هناك، ليرتفع صوت المجيدي منادياً:
مكانكم يا جماعة سلموا انفسكم، انتم محاصرين، ثم يطلق ثلاث رصاصات من بندقيته الجرمل. يضع فتوان الشوال ويتجه الى رأس العقبة القريب من القرية المجاورة حيث التقى هناك بالمغبش ثم يختفيان تماما عن الانظار.