- عبدالملك الحاج
يسكُنُ المجيدي في (الكدحة) السوداء تتوسط مجموعة القرى الصغيرة المتفرقة، انها مقابله تماما للموقع العسكري المتمركز في جبل شميلة.
كان المجيدي على تواصل بالتنظيم السري للمقاومين الثوريين وكان منزله يعتبر احدى نقاط التواصل والاتصال، كلف من قبل (التنظيم) بمهمة توفير المعلومات الاستخباراتية الدقيقة.
كما كان يحضى ايضا بثقة قيادة القطاع بالراهدة، هذه العلاقة كانت تمكنه من إنجاز المهام التي توكل اليه تنظيميا بنجاح، وفي نفس الوقت كان مكلف من قبل جهاز الامن والاستخبارات العسكرية بالقطاع لرصد تحركات بما كانوا يسمونهم (بالمخربين) في المنطقة وتحديد اماكن تواجدهم، فقد كان يسمي نفسه (بالاواب) المخبر المزدوج.
يصحو محسن الساعة الثامنة مساءاً ويناديه المجيدي لياتي الى المتراس (الدشمة) في جوار المنزل فقد كان سامرا هناك وبجانبه المغبش، وعندما وصل اليهم محسن قال:
اقول لكم مدري مو وقع بي زلجت اشرب الحقين حق مدهم ولا عاد دريت بنفسي اين انا.
المغبش:
مو اسقيته وَ سيد عبده؟!! قام مصحصح.
ينهض المجيدي من مكانه وهو يقول:
ما بُش جن ولا بُه زيران، ما بكم الا جوع وقهر، وخوف وغلايب، الشتات والعزار الذي بنا سببه اننا نعيش ونسكن بالحد بين دولة اصحاب مطلع ودولة اصحاب منزل، وهم اللي اندوا لنا الهلوسه من عدم، خلونا نعيش بخوف وقلق، غرسوا لنا المشاكل والفتن، علمونا المطابزه وخلوا كل واحد يراقب الثاني والاخ يحرش باخوه، واللي ما بش جنان يجنن بالغصب، والناس مساكين يرجعوا يدوروا لهم سادة يداووهم، نقول لهم سيروا (الاسبطان) عند التخاتره والحكما، ما يرضوش يسمعوا، مكانهم معتقدين بالحروز والطلفسه والشعوذه، مغفلين بني مغفلين وشجلسوا على هذا الحال مطسسين يعلم الله ايحين شصحوا.
يذهب المجيدي الى المنزل ويحضر لمحسن فته دخن (بالجبابة) والسمن وكتلي شاهي.
اكمل محسن جفنة (الفتوت) وشرب الشاهي ثم دق بيده على بطنه وقال:
بارك لك و مجيدي امتلت الكرش، ما باقي الا البُجَّم يمتلين، امانه قد ضروسي يحكونا.
المجيدي:
هاااا شل القات وخزن، لكن كما اوبه يطير باقي (القُشّار).
محسن:
القات باين علوه شرو ما يصافطش.
المجيدي:
خزن لما تكيف وقمت تشل (الشَعبَّة) و(عشاج الاثاب)، واطرحهن فوق ظهرك وسحببهن دوري ما دار على التبة وجمب البيت ووسط الاحول.
يضع محسن قليلا من القات في فمه ثم ذهب لتنفيذ المهمة المكلف بها من قبل المجيدي.
المغبش:
لمه خليته يجحبب الزرب والاثاب؟!
المجيدي:
يمسح الدعس ويطمس الاثر من شان لو في واحد بالليل يراقبنا او يمسي يتخطرق جنب المسكن شعرف وشستعد له.
استأذن المغبش للذهاب الى منزله وكذلك محسن.
محسن:
وااا شيخ عبده (ام الصبيان) تكون قي مشوق لي شا اسير اتفاقده الليلة واعمل طزه ابعد الشحافة وباكر وانا عندك.
المجيدي:
باكر العشي وانت عندي.
يتوجه محسن مساء اليوم الثاني من منزله الى تبة المجيدي وكان القمر مكتملا في تلك الليلة وعندما وصل الى عُبار (السبيل) خرج له (عبده قاسم) من بين الاشجار بشكل مفاجئ اربك محسن واصابه بالفزع.
عبده قاسم رجلاََ ضخماََ “طول بعرض” لقد كان مغترباََ في الحبشة واصيب بحالة نفسية فهو (يرتبش) في (الناصفة) عند اكتمال البدر، ولا يستطيع احداََ ان يرفض له طلب، خوفاََ منه ومن جلافته، هرول محسن مسافه قصيرة فتبعه عبده قاسم وعندما امسك به قال:
وااا محسن.
محسن:
عبده قاسم لك ام الصروم تتعدشك فجعتنا.
عبده قاسم:
اااين اشتسير؟!!
محسن:
شاسير الذَنَبّة.
عبده قاسم:
برجلك!!
محسن:
ايوه برجلي.
عبده قاسم:
لا والله انك اشتركب.
محسن:
ما شركبش، شا اسير سيرة بارجلي.
عبده قاسم:
يمين ما انديت خطوة، اركب والا اركب.
يركب محسن ويتوجه عبده قاسم باتجاه طريق الذنبة وهو يخطو بخطوات كبيرة لضخامة جسمه، فكان يتضارط اثناء السير فيقول: قُباب.. قُباااب.