- عبدالملك الحاج
لم يتوقف معجب اثناء عودته من الحوبان في الراهدة بل استمر يقود الشاحنة المعروفة
بـ ” الطنجة ” باتجاه القرية ومعه المغبش، كانت الراهدة والمناطق المحيطة بها تعيش حالة استنفار وترقب لهجوم مباغت قد تفوم به الحملة في اي لحظة، الحشود لا تزال تتوافد الى اطراف المدينة، انهم عازمون على المواجهة بعد ان تبين لهم ان السبب الذي دفع بحكومة صنعاء لاجتياح الراهدة هو الخلاف الذي دار بين رجال السلطة على المبالغ التي تورد من جمرك الراهدة والمفاليس.
مساء اليوم الثاني ينفرد المغبش في ركنه المفضل على سقف منزله ثم اخذ يفكر في الاحداث التي تشهدها الراهده وكان بين الحين والاخر ينادي المقاوته والحمارة المتوجهين الى اطراف الناحية والذين قدموا من السوق في اوقات متفرقة من مساء تلك الليلة ليتابع المستجدات التي تحدث في الراهدة اولا باول.
ذهب المغبش في الصباح الى منتصف الوادي واخبره صديقه سلام عبده ان الحملة العسكرية لا تزال تعسكر في الحوبان وهناك لجنة من صنعاء مكونة من ثلاثة وزراء وصلت الى الراهدة لحل الخلاف، التقت اللجنة بالمحافظ والمشائخ وتوصلت معهم الى اتفاق حول العديد من النقاط كان اخر نقطة من نقاط الاتفاق هى تعيين مدير للجمرك من ابناء المنطقة وانها المظاهر المسلحة وعودة الامور الى ما كانت عليه في السابق.
مساء اليوم الثالث من اقتحام اللجنة العسكرية للراهدة ومناطقها يصل الى ذراع الابل محمد حيدرة وفتوان والهمشلي واخرون للسمرة في سقف منزل المغبش….
الهمشلي :
مو هو المكلف للحرب؟.
المغبش :
(جعدود) البُقري.
شايع :
حق من هاذي البقرة اللي كلفت الجمهورية تحارب الجمهوريين ؟.
المغبش :
منتش داري بقرة الراهدة.. قرونه بالغول والضرة بالمقيطير.
فتوان :
اذي قده ولا بقرة بني اسرائيل.
المغبش :
مش قد كانوا سدوا مو اللي عصدها من جديد.
حيدرة :
بكرت الصبح اللجنة للحوبان وقالت لهم خلاص سدينا قد ابرقنا للرئيس وقال انكم ترجعوا صنعاء.. خلاص المشكلة احتلت والمحافظ والمشايخ قبلوا بكل الشروط… وسافرت اللجنة صنعا.
المغبش :
ومو حصل بعدها.
حيدرة :
حصل انه مسئولين بصنعاء لما عرفوا انه اتفقوا
قالوا للحملة اقتحمي الراهدة، دخلوا القبايل والعسكر دمنة خدير ووصلوا لا ورزان ومن هناك ضربوا بالمدافع لا وسط الراهدة وجناب القيادة والجمرك القديم والمستشفى وبيت المحافظ.
المغبش :
وقيادة الراهدة حركوا القوة والدبابات او كيف عملوا؟.
فتوان :
الناس اتوافدوا من كل بقعة بالبنادق منهم جيش جرار انتشروا وقد كانوا طوقوا على العسكر والقبائل من كل شق… لكن المحافظ مرضاش قالهم اسحبوا القوة وردوا المحاربين، ولا خلاهم يطلقوا حتى بطلقه.
حيدرة :
ادخلوا مسائيل كبار وتجار وقالوا ما دام
المحافظ سلم وما قاومش ما فيش داعي عاد تقصفوا، لكن في مشايخ كبار بالحكومة صمموا ان الحمله لن ترجع الا وقا قتلت المحافظ وخبرته.
المغبش :
هذي قده مرفالة.. وذلحين المحافظ اين سار.
حيدرة :
سرح للشريجة ومن الشريجة نزل لحج، والبقية روحوا والقوة سلمت المدافع والدبابتين والسلاح.
النجناج :
صدقتم الجمهورية تركبه خالته…. الجماعة قد كلفتوها وجزعوا… ان هي ملكية هي حقهم، وان هي جمهوريه شطموها لحالهم.. معراصة فرص.
حيدرة :
رجعوا شقرحوا فتنه من داخل الراهدة.
المغبش :
قصدك منشان تعتصد بينه بين.
حيدرة :
عينوا شيخ يقولوا انه من البدو قايد للراهدة بدل المحافظ مايشتوها تكون محافظة بتاتا، من سب يداجحوا بين الناحيتين.
راوح :
قصدك يلصو بُتي الفتنة بين خدير والقبيطة.
المغبش :
منه هذا الشيخ اللي عينوه.
حيدرة :
ركزوا واحد مسيكين يرحم لا يهش ولا ينش، منشان يشتغلوا شغل الهوان، وزادوا يمديروا واحد منهم بالجمرك وزلجنا… وثوار الراهدة شجزعوهم عرد واحد ورى الثاني.
المغبش :
الراهدة دعمت الثورة وناصرت الجمهورية، وذلحين يجازوها بالقتل والطحن على شان ولا عا يطلع لها نخس.
الابن الاكبر لمحافظ الراهدة هو واحد من ابرز قيادات الثورة وتعين وزير في اول حكومة فيها الى ان اصبح وزير الخارجية ونائب لرئيس الوزراء، بعد احداث الراهدة بعدة اشهر غادر صنعاء بزيارة الى القاهرة ثم عاد الى عدن لزيارة والده محافظ الراهدة المتهم بالتمرد.
قرر الوزير السفر من عدن الى صنعاء عبر طريق الراهدة بعد وساطة قام بها بعض التجار الكبار للقيام بالمصالحة بين والده وقائد الراهدة الجديد بعد موافقة من جميع الاطراف بحضور كبار المشايخ والتجار بالمنطقة.
عند وصول الوزير الى اطراف الراهدة استقبلته هناك حشود كبيرة من الاهلي بحفاوة وترحاب حيث اصطفت هذه الحشود من منطقة الشريجة وحتى الريدة وفي الراهدة ايضا، عند وصول الوزير الى مقر القيادة في الجمرك القديم، كان في استقباله هناك القائد ومدير الجمرك والمسئولين والمشايخ والاعيان وبعض من رجال الاعمال الذين حضروا مأدبة الغداء التي اقيمت احتفالا بوصوله واتمام الصلح.
اثناء المقيل تم الاعلان عن الصلح بين المحافظ السابق والقائد الجديد، بعد عناق التصالح قرر الوزير السفر عصرا الى تعز في طريقه الى صنعاء وكان المغبش متواجد اثناء توديع عدد من المشائخ والاعيان للوزير في منطقة الغول مدخل مدينة الراهدة.
وقت المغرب يتوجه المغبش الى منزله حيث كان في انتظاره هناك مجموعة من ابناء القرية لسماع اخر اخبار ومستجدات الراهدة… وعند ظهور المغبش من رون الوادي كان يصيح باعلى صوته وهو منفعل ويقول:
الثورة تأكل بنيه يا عويله
الجمهورية قتلت عياله.. وعويلة
غملان :
مو وقع وا مغبش مو اللي حصل.
المنكرة :
مش قالوا الا خلاص قا سدوا.
الجُزِي :
انطع وا مغبش.. قول مو وقع.
المغبش :
الوزير قتل والقايد اشترغ.
الشعفلي :
خبرك مقشوع ما فهمناش منه خبارة.
المغبش :
الوزير غدرو به بكمين … والقايد مات بالقات.
الجُزِي :
هذا ما يعقلش حتما ولابد في بعده إنه.
المغبش :
قي واضح مثل عين الشمس.. الوزير ما قتلوش بصنعاء.. نزلوه الجاشعية يقتل، من سب يقولوا صاحب بلاده قتله… وفطسوا الثاني بعده بقليل وقالوا اشترغ بالقات ومات..
على غيري يا جمهورية صنعاء
على غيري يا بني بمبات ……!!!