- محمد ناجي أحمد
أواخر تسعينيات القرن العشرين كان زمن المثقفين الشباب بسماتهم العبثيه والعدمية تجاه القضايا الكبرى لكنهم كانوا ينطلقون من أرضية وطنية في التزامهم …
اليوم ومع تطييف الدويلات بمسميات الطائفية المتعددة من مناطقية وجهوية ومذهبية وأساطير عرقية بأوهام اصطفاءاتها المتعددة توالد مثقفون عدميون بموازاة هذا الانفجار للدولة الوطنية وتشظياتها…
هل هي عدمية مرادفة لهذا السقوط بشكل عفوي أم أن صناعة نجوم التفاهة على جميع الأصعدة مسألة ليست عفوية في مجملها ؟
بالمحصلة النهائية والتحليل الأخير ليس هذا لعبا للنرد ولا محض صدفة…
يتوازى القهر محليا مع القهر الصهيوني ويصبح مفهوم التعايش محليا هو ذاته ويمتح من مفهوم التعايش مع الصهيونية، وتستخدم الإغاثة (الانوروا) مقابل التسليم بالزمن الإسرائيلي…و الحديث عن الانكسار بدون سقف بأنه فرص ينبغي ألا تضيع!
استخدام الإغاثة مقابل التسليم سياسة تجويع تمارس لتطويع الفلسطيني ولتطويع اليمني كذلك!
في المشهد خطابان وزمنان معرفيان ، خطاب الالتزام المبدع بانحيازه للنوع الإنسان وإلى اللغة بما هي انحياز انساني، وخطاب العدمية التي تختزل الناس والحقيقة بما هي صورة وإن استخدمت الهجاء لكنها تمتح من ثقافة الفرجة بما هي مصورة وتجلد الحقيقة فتراها مزيفة …
العدميون-وكل عدمية في اليمن في العقدين الأخيرين هي التزام سياسي مبطن بالتنكيت و”الزبج” والتخفف ثم التخلي عن الالتزام ، لكنها تخدم مآلات هذا الانهيار والانكسار- العدميون يحدثون إزاحة للحقيقة لصالح مديح الكاميرا وازدراء الحقيقة بما هي داخل أنساقنا الاجتماعية…
تعويم الجريمة محليا بالترادف مع جريمة تمكين العنصرية الصهيونية من المنطقة وتجريم المجتمع المغلوب والمقهور والمعذب والمهجر …
باختصار:
تمكين وصناعة نجوم التفاهة ليس عملا عفويا، بل إن ماكينة التواصل الإجتماعي وسيلة من وسائل صناعته…
الزمن الإسرائيلي وزمن الدويلات الطائفية وزمن مواقع التواصل الاجتماعي متكامل خطابا ثقافيا ونجومية وغلبة ، هذا إذا جاز وصف ثقافة المشافهة المركبة من الاسترسال للعواطف والصور والمشافهات وثقافة المقيل الخ-بأنها ثقافة وإن كانت خطابا يحتاج إلى جدية في قراءته لما له من سلطة في توجيه الجموع عن طريق التوهيم بأنه الزمن الذي لا يقهر ، النظام الدولي الأوحد بجبروته وسيطرته بل وامتلاكه للحقيقة بما هي صورة متخيلة وصناعة ضوئية ومواقع تواصل وفضاء سيبراني… …