- محمد ناجي أحمد
كان هناك أكثر من مخطط لاغتيال الإمام أحمد وسيف الإسلام الحسن، ومن ذلك نسف الطائرة، المتجهة إلى أسمرة، التي كانت تقل سيف الإسلام الحسن بأصابع الديناميت، وتم إلغاء العملية لوجود عبد الغني علي في الطائرة. أو العملية التي تم التخطيط لها بالدخول إلى قصر الإمام في صالة وتنفيذ عملية اغتيال الإمام أحمد .
وكان المشاركون لتنفيذ هذه العملية “أحمد النيني ومحمد أحمد القيري وعلي أبو لحوم ” واتفقوا مع عبد القادر الخطري أن يوفر سيارات وشراشف لكي يدخلوا القصر كالنساء تجنبا لافتضاح أمرهم . ويكون دليلهم داخل القصر يحيى بن الحسين بن الإمام يحيى . وانضم لهم من تعز أحمد قاسم دماج وعلي شويط .لكن القاضي عبد الرحمن الإرياني أبلغ عبد الغني مطهر بعدم إعطائهم أي شيء ، لأن القضية مدبرة من جهات أخرى ( يقصد القاضي أحمد السياغي) وأننا سنكون الضحية في حالة الفشل كما سنكون الضحية في حالة النجاح أيضا لأننا غير مهيئين ، وقد يكون الطرف الآخر هو المهيأ، ويقصد بذلك الحسنيين ، أي الطرف الأكثر رجعية ، أو مجموعة عبد الرحمن عبد الصمد الذين بدؤوا بمغازلة النقطة الرابعة ويقدمون أنفسهم باعتبارهم الطرف المهيأ لاستلام السلطة في حال نجاح خطة اغتيال الإمام”.
ثم كانت عمليات التفجيرات بالديناميت لبيوت الأمراء والعمال في تعز وإب وصنعاء.
يتحدث صاحب المعايشات عن دور علي شويط في تفجيرات تعز ، وحزام الشعبي في تفجيرات إب ، وكيف أنه بعد هرب علي شويط إلى إب تمت محاصرته هو وحزام الشعبي بقوة من 150 جنديا ، وتمكنا من المقاومة والفرار ، لكن علي شويط أصيب في بطنه برصاصة ” وقد بذل الأخوة عبد الحفيظ بهران والشيخ عبد العزيز الحبيشي والشيخ زمام قوبة جهدا كبيرا لعلاج شويط الذي أصيب برصاصة في بطنه وظل عشرين يوما في منزل أحمد حسن البربري على بعد أربعة كيلو متر من إب، واما حزام الشعبي فقد سافر وبات ليلته لدى الشيخ عبد العزيز الصلاحي” لكن يحيى منصور أبو اصبع ، أخو صاحب المذكرات ، يروي هذه القصة باختلاف في التفاصيل، ففي الحلقة (13) والحلقة(14) من مذكراته التي عنونها بـ(شهادتي عن عبد الوارث والرئيس الغشمي) يروي هذه الحكاية نقلا عن علي شويط بطريقة مختلفة”
، حملني حزام الشعبي على ظهره إلى بيت أحمد حسن البربري في الجبل الذي فوق مدينة إب وفي اليوم الثاني وخشية التفتيش في الأماكن القريبة من المدينة نقلني المناضل حزام الشعبي والبربري على ظهريهما وفوق الحمار أحياناً إلى عدن جود مديرية السياني بيت عبدالعزيز الصلاحي وقد انسحب البربري حتى لا يراه الشيخ عبدالعزيز والذي كان يحب الإمام ومن المتشيعين للإمامه كما أنه كان أغنى مشايخ وملاك المنطقة . ودقدق الباب حزام الشعبي والوقت قريب الفجر فتح عبدالعزيز الباب ووجد حزام الشعبي وقال له فعلت المصيبة في إب في بيت الدولة وذلحين جئت عندي يابن الشعبي كانت الأخبار قد شاعت والفاعلين معروفين ، جوب عليه حزام والله ما هو أنا الذي عملت التفجير في إب وإنما هو هذا الشخص وأومأ عليا وانا راقد في الأرض قال له هذا من، قال له علي ناصر شويط من بني صريم حاشد.
الله أكبر قال الشيخ عبدالعزيز آه والفعلة وماله راقد على الأرض وإلا مصاب؟
طبعاً عبدالعزيز يعرف الناس ويعرف العرف القبلي وله علاقات بعرائف البراني والعكفة فهو غني جداً كل الناس يترددون عليه. قال وليش جئتم عندي. قال حزام الشعبي الضرورة ألجأتنا إليك. قال تشتوا مصاريف .. لا بل نشتيك تخفي علي شويط وتعالجه فهو مصاب برصاصة في الحوض ولا يستطيع الحركة. قال ثم تقدم الشيخ نحوي وبيده فانوس ضوء ونظر في مكان الإصابة والدماء في كل مكان في الجسم. فمسك بيدي وقال يا شعبي ساعدني ، ونقلوني إلى الدور الخامس في قصره العامر كان يوجد معه مكان في السقف على شكل طيرمانه وحفظني وعالجني وأكلني وشربني أفضل أنواع العسل ولمدة شهر كامل وأنا في الطابق الأعلى والخدم من النساء يخدمنني في غيابه وهن لا يعرفن شيء عني، وأضاف شويط ولهذا أزوره كل سنة وأتعامل معه كأبي تماماً وأكثر.”
ولعل ما يجعل رواية يحيى عن علي شويط يشوبها الضعف هو كيف يمكن لعلي شويط أن تظل دماؤه تنزف إلى اليوم الثاني حين ذهب إلى بيت الشيخ عبد العزيز الصلاحي، مما يجعل رواية أحمد منصور أبو أصبع في تداوي علي شويط ببيت أحمد حسن البربري منطقية…
يرى المؤلف في معايشاته للحركة الوطنية أن تطور الحياة السياسية بعد انقلاب 1955تمثل بدور العناصر الوطنية مثل عبد الغني مطهر وسعيد حسن _إبليس) وسيف عبد الرحمن العريقي، وببداية العمل الحزبي بما فيهم جماعة عبد الله باذيب في تعز ، وبدور مصر عبد الناصر ، وتقاطع العمل السياسي الوطني في اليمن والسعودية، وانتفاضة القبائل ، ومحاولة عبد الله اللقية ومحمد العلفي ومحسن الهندوانة لاغتيال الإمام يحيى في مستشفى الحديدة، وبنشاط (النقطة الرابعة) التي كانت غطاء للدور الأمريكي الراغب في إحداث تغيير في اليمن لصالحه. ولهذا فقد وجد الشباب أجهزة لاسلكي في النقطة الرابعة وكشفوا عن نشاطات تجسسية ينطلق من داخلها…
عن سعيد حسن فارع( إبليس) لم يكن دوره الوطني مقتصرا على الذهاب إلى السخنة لتنفيذ عملية اغتيال للإمام أحمد ، وتم كشفها والوشاية به، ومن ثم اعتقاله ومحاولة فراره ثم انتحاره ، بل قام سعيد حسن الملقب بـ(إبليس) بفتح مكتبات له في الحديدة وتعز وصنعاء حتى تكون غطاء لتحركاته ونشاطه الوطني واتصالاته برجالات الحركة الوطنية، وقد كان من شدة حماسه الثوري واندفاعه يرى في تباطؤ عبد السلال وغيره جبنا وترددا ، وقد كان تبريرهم لحذرهم هو اندفاع سعيد حسن غير المحدود ووطنيته الصادقة. ولأنهم كانوا مراقبين إلى جانب سماعهم بالانقلاب الفاشل الذي قام ضد الامبراطور ( هيلاسلاسي) ويبدو لي أن ما لم يقله أحمد أبو اصبع بشكل صريح هو وجود الشك والحذر من نشاط سعيد حسن، فجماعة الحسن كانت تخطط والأمراء المرتبطين بالأمريكيين كانوا يخططون ، والسعودية تخطط ومصر عبد الناصر تريد التغيير بما يخدم حركات التحرر العربي آنذاك ،من هنا كانت الأجواء مشحونة بالشك والريبة…
كان نشاط سعيد حسن (إبليس) جزءا من التحرك المصري للتغيير في اليمن. ولهذا فقد كان وكيلا للعديد من الصحف والمجلات المصرية في اليمن لتسهيل تحركاته السياسية. لكن هل كان له ولسعيد الحكيمي الذي كان مسئولا عن مكتبته بعز- علاقة بالسعودية وبالأمريكيين، منذ أن كانا يعملان في شركة أرامكو في السعودية؟
هذا تساؤل مني وليس من صاحب المذكرات، الذي شهد لسعيد حسن بصدق الوطنية والاندفاع الثوري نحو التغيير. فقد كانت المخابرات السعودية والأمريكية والمصرية في تسابق ونشاط محموم ، وربما حدث التقاء أو اختراق في الشخصيات والمخططات.
لقد تجمع الشباب الثوري وكتبوا العرائض ضد ( النقطة الرابعة) ونشاطها الاستخباري الأمريكي ، وكان من ضمن الموقعين: عبد الله الخربي ويحيى بهران وجبر بن جبر وأحمد قاسم دماج وآخرين، ولكن الاتهام ذهب إلى الشيوعيين بأنهم وراء هذه العرائض. في حين أن شعبية الشيوعيين آنذاك كانت ” متدنية جدا في تلك الفترة نتيجة الدعاية المصرية ضدهم”.
كان موقف عبد الغني مطهر ضد عبد الله باذيب وما سموه بالاتجاه الملحد ، ويبدو ان هذا الموقف كان يتفق مع الشخصيات الموالية للولايات المتحدة مثل عبد الرحمن عبد الصمد والتجار مثل بيت الحروي والمحضار وبيت مطهر وبيت هايل سعيد وآخرين من صنعاء وتعز، الذين أسسوا شركات المحروقات والنقل البري والطيران…
في أواخر الخمسينيات نشطت حركة القوميين العرب وأسست فرعها في اليمن، وفتحت بيوت تعز لاجتماعات الضباط ” فقد كان منزل عبد الرحمن محمد سعيد الموظف في الوكالة الأمريكية وعضو الحركة مقرا لاجتماعات الضباط القادمين من صنعاء، وكان التنسيق بين عبد الغني مطهر وبين مختلف التيارات الحزبية سواء كانت بعثية أو حركية ، إلاَّ أن الحركيين كانوا أكثر تنسيقا مع عبد الغني مطهر”.
وكان لمجامعي الدارسين في لخارج دورهم الحزبي النشط ، مثل : عبد الرحمن شجاع ، ويحيى الشامي ، وعلي لطف الثور، وعبده نعمان عطا، وسلطان أحمد عبد عمر ،وسلطان القرشي، وصالح الحبشي، ومطهر الإرياني، ويحيى عبد الرحمن الإرياني، وعلي سيف مقبل ، ومالك الإرياني، ومحمد سيف ثابت، وشمسان عبد الله، وأحمد قاسم دماج، وسعيد الجناحي، وعبد الله صالح عبده، وجبر بن جبر. من بعثيين وقوميين وماركسيين ” أما اتحاد القوى الشعبية فقد كان أبرز ممثليه عبد الله الوصابي ومحمد اليازلي ، وكان أمين عام الحزب هو علي عبد العزيز نصر وكان مقيما في عدن، وكان أمين هاشم وعبد الله الحيمي يحذران من اليازلي والوصابي لعلاقتهما بعبدالرحمن عبد الصمد وأولاد الوزير” لكن محمد اليازلي في أكثر من حوار حين سئل عن انتمائه لاتحاد القوى الشعبية هو وعبد الله الوصابي نفى ذلك وقال بأنها كانت مجرد علاقة شخصية مع محمد الرباعي، وحين قيل له لكنكما دعمتما انتخاب محمد الرباعي في أول انتخابات لمجلس شورى في اليمن ، أجاب بأنهم دعموه كما دعموا انتخاب أحمد دهمش…وبالنسبة لعبد الله الوصابي فقد أصبح من الرعيل الأول لحركة القوميين العرب ومن المؤسسين للحزب الديمقراطي الثوري الذي تأسس في يونيو1968م.
من المعارضين للنظام السعودي الذين نشطوا في اليمن ( محمد عبد الرزاق) سعودي هارب ومتعاون مع الحركة الوطنية اليمنية ، وكان من قادة الحركة العمالية في الظهران عام 1956م،وحينها فر إلى عدن.
يقال إنه من بيت الدباغ لنه تصالح مع الحكم في المملكة العربية السعودية وعاد إليها، وثم عاد إلى اليمن لأنه لم يتكيف هناك ، وتزوج من شرعب، وأنجبت له هدد من الأطفال ، وحين ماتت تزوج بأختها. وكذلك علي حسين السفياني الذي كان يتصل بضباط سعوديين وطنيين ويزود الوطنيين اليمنيين بالسلاح والمال.
كل هذا يعكس التسابق والتداخل بين ما تخطط له السعودية والولايات المتحدة ومصر، وهناك شخصيات كانت تعمل مع الجميع ، لكنها بالتأكيد كان إخلاصها لجهة واحدة- جميعهم اتفقوا على التخلص من الإمام احمد وافترقوا في طبيعة النظام فكل يريده مواليا له!
فعلي حسين السفياني يبدو انه كُلَّف بالعمل على إنهاء الإمام أحمد وإحلال أخيه سيف الإسلام الحسن محله.