- محمد ناجي أحمد
(بقدر ما يصنع البشر الظروف فإن الظروف تصنع البشر)كارل ماركس -الإيديولوجيا الألمانية
الكوسموبوليتية كعابرة للأوطان ، ونزعة لا وطنية برجوازية تنتمي للتجارة الحرة والشركات العابرة للقارات – هي نتاج الاستعمار ووسيلته في انتزاع المدن الساحلية التي تقع على ممر التجارة البحرية…
أراد الاستعمار لمدينة عدن أن تكون منزوعة الصفة الوطنية ، من خلال المحاولات العديدة في تغيير الخارطة الديمغرافية للسكان، مستقدما الهنود والصومال والأوربيين المغامرين، لكن الريف اليمني حافظ من خلال تدفقه على هذه المدينة على سماتها وخصائصها الوطنية اليمنية ، فسقط مشروع بريطانيا التهنيدي لعدن، وامتصت المدينة كل حيل الاستعمار الديمغرافية وموطنة للغريب ، وفي سياق زمني قصير تمت يمننته…
أراد الاستعمار البريطاني أن يجعل من مدينة عدن كمجال جغرافي يشمل بضعة كيلو مترات -جغرافيا ترانزيت لخدمة مصالحه التجارية والعسكرية، ولهذا لم تتجاوز بنيته التحتية التحديثية بضعة كيلوا مترات هي المجال الحيوي للبنوك والشركات والمعسكرات ومخازن الوقود، دون ذلك تُرك مرميا في مجاهل التاريخ وبداوته!
حمل العامل اليمني القادم من فلاحة الأرض على عاتقه يمنيته ، ومن عرق جبينه وجوع أطفاله وحنينه تشكلت أحزاب الوطنية اليمنية ، بعقيدتها الوحدوية من داخل مدينة عدن ، ومن بين فرث الزيوت والمهنيين وعمال اليومية(المياومين) وموظفي الشركات تخلقت الخلايا الحزبية ، رافعة مبدأ الحرية والعدالة والوحدة هدفا نضاليا تسعى لتحقيقه…
ما أراده الاستعمار من تغييراته الديمغرافية باستقدام الآلاف من الهنود والصومال امتصتهم هذه المدينة خلال زمن قصير ، معيدة صهرهم بسمات وخصائص المحلية الوطنية اليمنية…
أي أن الكوسموبوليتية وكأداة ونتاج تجاري استعماري عابر وضد للوطنية المحلية فشلت في سلب عدن من يمنيتها، بل كانت عدن مبتدأ المديح للحدود الوطنية اليمنية…
أراد الاستعمار من خلال سياسة التهنيد أن يمحو وجه عدن اليمنية ، فامتصت المدينة الهنود والصومال ويمننتهم بأقصر مدة زمنية وسقط خيار الاستعمار…