- عادل الأحمدي
لم يكن لديه سابق تجربة في أن يحدّث فتاةً قط. كان قلبه يخفق بقوة، ويداه ترتعشان. كان يخشى أن تعلم الأشياء حوله أنه يحادث أنثى. أخذته الغيرة من
جهازه، ومن الجدران في غرفته. وحتى لا تراه الجدران، همّ بأن يغطيها بستائر، فتنبّه إلى أن الستائر هي الأخرى، مبعث غيرة.
من بعد محادثتها، كان يمشي ويغنّي. يجيب على الهاتف فيتساءل كل متصل، ما سرّ هذا الجذل.
تذكّرَ أنه كان يكتب الشعر، فاستلّ لها قصيدة من الروح، ثم استلّت روحه بعد ذلك.
. لم يكن لديه سابق معرفة بالشوق. كان يشتاق نعم، ولكن لفكرة جديدة، لمقال جديد، لبلد نابض بالحياة، ومجتمع مفعم بالذوق. لم يشتق قبلها، لقلب أنثى على الجهة الأخرى من الخط، تُجيد الدهشة وتتقن الإنصات. لكنه صار شُبّابة شوق ومروَحة حنين. تماما كتلك التي في أسقف المنازل في المكلا وعدن.
قد تتوقف المراوح في البيوت حين تنقطع الكهرباء، لكن مروحة الحنين لا تتوقف.
. لم يكن لديه سابق خبرة بالعطر. ما كان يحفظ أسماء الماركات، ولا يتطيّب إلا بما يُهدى له من أصدقاء الحجاز. سألها (وفقا لما رآه في أحد الأفلام): ما هو عطرك المفضل؟ أجابت: escada-s. ثم كتبتْها بالعربي: (اسكادا إس).
لم يجد ذلك العطر في محلات شارع جمال، ولا في شارع حدة، وكان ينوي زيارة المركز الليبي لأن شخصاً قال له ربما يباع هناك. وقبل أن يذهب الى شارع الجزائر حيث المركز الليبي، تكهرب في بيت أحدهم، حينما وجد قارورة العطر شخصياً أمامه، مكتوباً عليها (escada-s).
زخّ في صدره زخات من العطر النسائي واستنشق بعمق. كان صديقه مستغرباً لهذا الفعل، لكنه لم يوضّح السبب. اكتفى بالصمت وبالحزن. إذ لم يكن لديه سابق خبرة بالتمويه.
من الصعب شرح ما حدث؛ لكنه يتحرّك الآن بين الناس، بصدرٍ شامخٍ، فيه خنجر مغروز، ورائحة (اسكادا إس).
………