الأمة العربية تنتفض من الماء إلى الماء ضد الفساد والاستبداد، وترفض النخب المؤبدة، والأحزاب والقوى المعادية لإرادة الأمة في الحرية والديمقراطية والعدالة، وبناء أوطان مستقلة خالية من طغيان الفساد والاستبداد، وتسيد نخب وأحزاب وعسكر أكل عليها الدهر وشرب. كانت البداية فلسطين في مواجهة الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي: الانتفاضة الأولى عام 1987م، والثانية 2000م، وجرى ما يشبه التواطؤ على حرفها. كانت تونس نقطة انطلاق شرارة “الشعب يريد إسقاط النظام”، وانتشرت بسرعة البرق إلى مصر وسوريا وليبيا واليمن والبحرين وفيما بعد السودان والجزائر والعراق، وتشهد الانتفاضات في المغرب والأردن حالة مد وجزر.
أحرزت تونس- موطن انتفاضة الربيع العربي- الانتصار، والسودان وضعت قدمها على طريق المستقبل بتوافق وطني. في الجزائر ما تزال الثورة مشتعلة في مواجهة حكم العسكر لأكثر من خمسين جمعة. انتفاضة لبنان تعبر الأسوار الطائفية وتخوم المناطق وقدسية الزعامات لتهتف بسقوط الكل. وفي العراق تتجدد الهبات الشعبية مناديةً بسقوط المحاصصة الطائفية ورموز الفساد والاستبداد.
تغرق ليبيا وسوريا واليمن في الدم لقطع الطريق على الربيع الآتي، ويحوم شبح الانتفاضة من حول دول البترودولار الممولة للحروب. طوفان الانتفاضة يغطي الأرض العربية من الماء إلى الماء؛ فالأمة كلها تنتفض وتنهض لبناء أوطان خالية من الفساد والطغيان وشرعية القوة.
الانتفاضة الآن سلاح الأمة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني؛ فمظاهرات المسيرة الكبرى تدخل عامها الثاني، كما أنها سلاح الأمة لمواجهة التدخل الأجنبي والتحديات الاستعمارية وفساد الحكم المحلي، وهي واعدة بالامتداد إلى الجوار المتدخل.