- كتب : جازم سيف
لستُ كاتب مقدمات وقد اضطررت للتعريف بالكتابات التي خطها الفقيد الرفيق النبيل محمد عبدالوهاب ‘ القاضي’ التي تأخذ بناء تعبيراتها الفنية شكل النصوص المُجمعة في إصدار بعنوان (عناقيد الدم) وذلك بمناسبة الاحتفاء به وبذكرى مرور عام على رحيله، والحال بأن الفقيد كان يساري الانتماء فكراً وممارسة وإنسان إلى أبعد الحدود، وحالم مرفوع الرأس، وصاحب موقف لا يعرف المهادنة، ومنافحٌ عن العدالة والمساواة والحرية والديمقراطية والتحديث والقيم العصرية حدّ الإفتتان، بل قُل حدّ العشق والتضحية، ففي (اعترافات بروليتاري) يقول :
” إني ضد الاستغلال
وأني وهبت عُمري للإنسان
في كل مكان،
وبأني أممي
أزرعُ ورداً أحمر
لعشاق الشمس
وأرويها بدمي ..”
وفيما تغنى الفقيد بوهج بدء لمعان الحلم بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية قبل مُصادرة معانيها بالآت الحرب غلبة وتدميراً ومصادرة ففي (( قمراً مشطور )) قال عن تلك اللحظة التاريخية الفارقة :
” حضر القداس
جموع الشهداء
جموع الشرفاء
سكبنا العطور
وأطايب البخور
أحرزناه بمبادئ التحديث
وتصارع الأفكار بالأفكار
لتنبت الورود والزهور”
وبينما الفقيد محمد عبدالوهاب القاضي كان يمضي قدماً باتجاه المساهمة الحيوية لخلق مناطق ومساحات مضيئة في مسار حركة اليسار اليمني تتألف وتتطابق فيها معاني الافكار بصدق السلوك والممارسات نجده بالإضافة الى ذلك تتحدى تعبيراته الشعرية ذات الطابع الثوري والنضالي المتسم بالتضحية والتحدي حدودها المحلي والوطني المعبرة عن احلام الجياع ليكسبها بعد ذلك سمة كونية مطله على العالمية (والأممية) ففي (همسات الجياع) يقول :
” أعيش في هذا الوجود
لأغني أغنية الجياع
فإذا شنقتم اللحن في فمي
فسيغنيها أطفال بلادي
وأطفال العالم وجياعه
بألحان مختلفة وبأصوات عدة “
وفي تعبيره عن الغلطات حال الانتكاسات وحدوث الشروخ والتصدعات وجهاً لوجه ، وجه الفقيد إدانته المباشرة الشجاعة والصريحة باتجاه مظاهر القوى القديمة بلا مواربة، حيث نجده في (سرق اللصوص زورقي) يقول :
” سرقوا مني القمر
وسرقوا ضفيرة حبيبتيّ
صنعاء وعدن “
وبالمثل في قصيدة (يوم المخاض) يوجه مفاعيل النقد الحاد نحو صناع ظاهرة الرياء والرخاوة من (المصفقين) وناظمي اشعار المديح وخدام البلاط وحتى احزاب البلاد التي تنعق كالغربان ويقبضون بدل النعيق من السلطان ..
وفي كتابات القاضي، عبثاً ينسي الناس البسطاء وجماهير جموع الطيبين أحلامهم ومطالبهم المشروعة في بناء وتشييد تجسيدات اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية جديدة تحررهم من مظاهر البؤس والاستغلال وتحملهم صوب السعادة والانعتاق حتى وان كان ذلك بالسخرية وبالضحك كما بالنكتة والتندر حتماً سيتحسسون موقع قدم خاص من خطواتهم الاولى حتماً سيكون لهم طريق تأخذهم نحو حياة معمدة بالخبز والاناشيد واغاني السلام والحب والحرية .