- طه العزعزي
لماذا تتم التعبئة على هذا الشكل ، هكذا دون بصيرة أو تأكد أو حتى أدنى بحث جزيء ربما وراء الحقيقة ، الكثير الآن يتجادل بكل وقاحة وبلا خجل ، والمشكلة أنهم حين يتجادلون يؤذون الواقع ويخدشون الحقيقة ولايتوصلون إلى حل نهائي ، وهذا ببساطة لأنهم يذهبون إلى سلوكيات عدوانية أو إنتقامية بعيداً عن البحث وراء الحقيقة ، إنهم ضيقون ولاقيمة لكل جدالاتهم لأنها تمر تحت ضوء يسلط نفسه على تتبع الأشخاص فقط دون أفكارهم التي توصلوا إليها بكل دأب وجهد ، إن المناقشة العقيمة هي تلك التي تشير إلى كاتب النص الفلاني هذا وذاك ، وليست تلك التي تشير إلى الكتابة نفسها، التي تشير إلى الحرف وإلى أقصى الكلمة في السطر ، هذه المناقشة إذا تمت بكل جدية وبكل توسع للدخول في ” معترك الأفكار ” لاشك ستكون مثمرة وسيكون لها حل (أقول معترك الأفكار وليس معترك الأشخاص أنفسهم ) ، الكثير لم يعد يحب الكثير بفضل فيسبوك الآن ، وهذا بكل ضيق يدفع البعض لأن يشتموا ويلعنوا بطريقة مؤذية كل من يخالفهم أو لايضع قدمه في خط مساوٍ لأقدامهم حين يركضون بلا تمهل وبلا صفارة إنطلاق ، البعض الآن صار يفكر عبر منشور في فيسبوك كيف يهاجم من سيضمن له الشهرة في بدايات مراحل المراهقة الفكرية .هذا التسلق الذي له مثل هكذا أرضية صلبة ستكون له جدران مغلقة من الأربع الجهات ، صدقوني ، دائماً يجب أن نلتقي فيما بيننا حتى دون أن يكون هناك نقاش أفكار حتى ، يجب أن نتجه نحو فضاءات إنسانية نقية ودون كراهية أو أحقاد .
الحب قيمة عظمى ، ولكن الشحاذين لايعطونه أبداً لغيرهم ، هم يحبون أنفسهم فقط وبكل إستماتةٍ ، فالشحاذين حين يحبون أنفسهم يعملون ضدها بكل سهولة ، الشحاذين هنا هم أولئك الذين لايحبون أحداً والذين يتمنون من كل البشر أن يحبونهم ، لكن ثمة إنساناً آخراً موجوداً بيننا يتمنى من بشر هذا العالم القذر أن يحبوه كي يبادلهم الحب بينما لايكتفي هو أو يبادر في حب الآخرين دونهم إذا كانوا سيئيين ودون مزاجاتهم الشخصية النفسية ودون نفسه المتقلبة حتى التي لاتحب إلا حين يوجد الحب من الطرف الآخر ، ودعوني أخبركم بشيء ( ليست إهانة أن تحب امرأة لاتحبك ) ، أيضاً ثمة أمر مخجل يتعلق بالأفكار البدوية التي أصبحت تقتل الحب وتنزع إلى هدم قيم الإخاء والإنسانية يجب أن نتخلص منها قبل أن تتحول حياتنا إلى جحيم إضافي .
يجب ألا يتملكنا الوثوق دائماً ، نحن في أغلب الأحيان مخطئون . إن الأحادية يغذيها الشعور بأننا دائماً على حق ، والنقيض وهي التعددية تعني القبول بطرح الأفكار على الطاولة والنقاس عليها دون قلبها أو حتى تمرير الكلام الجارح من تحتها أو التعامل بذكاء حاد مع هذه المسألة ، يجب الآن أن يسعى المتجادلون إلى أن يكونوا علامات تحول مضيئة .
الإختلاف هو ثمرة ، هكذا يتناول البعض هذه الفكرة والمقولة العظيمة ، لكنهم في الأصل يتنافخون أكثر من أيامهم حين يحاورهم أحداٌ ما مختلف عنهم أو يناقشهم في أفكار لايرونها مطلقاً بأنها صحيحة ، وهذه هي بداية الطرق لقتل الحل وتحطيم الحوار ، الملحد مثلاً لا كلام له في بلادنا هذه ، ” إنه كافر ” ، والمرأة لا حديث لها ، لأن الذكورة والأبوة تسحقها حتى العظم ، والذين ينتمون إلى عدة أحزاب متفرقة مختلفة حين يلتقون فيما بينهم لايكون ذلك إلا بالتصادم ، هؤلاء جميعاً ودون إستثناء يتعاملون مع المقولة السابقة بصرامة وبحدة وبإنظباط مؤلم للأسف ، الإختلاف في الحقيقة لم يعد ثمرة الآن ، ولكن علينا أن نسعى لأن تعود هذه المقولة وأن تكون هي أساس نقاشاتنا مع الآخر المختلف عنا بفكره ودينه وجنسه وتوجهه السياسي .