- محمد ناجي أحمد
كل حديث عن (اصطفاء رسالي)فيما يتعلق بقيادة سياسية هو في مآلاته حديث منمق بقشور الحداثة عن (الاصطفاء العرقي) فالقيادة وحيها واصطفاؤها الطليعي المجتمع ،كونهااستخلاص واستلهام للمسار التحرري الذي ترسمه الشعوب..
وكل حديث عن (هضبة ممانعة) أو (هضبة مقدسة) يؤدي بالنتيجة إلى القول بأن السهل والساحل لديه قابلية للاستعمار.
وهو ما يذكرنا بما قاله الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر عن الهضبة النقية
في يمنيتها في مقابل تعز والجنوب المختلط عرقيا وتاريخيا بالمستعمرين…
وهنا يصب هذا الخطاب ويتكامل مع الاختراقات الاستعمارية،حين تنفذ من التعدد الخلاق للجغرافيا ،لتجعل منه اصطفاء لهذه الجغرافيا يقابله ازدراء للأخرى !
يتكامل وهم اصطفاء الجغرافيا مع وهم الاصطفاء العرقي والطبقي الخ،فجميعهم ينطلقون من ادعاء(الاصطفاء الرسالي) أعدتهم السماء لانجازه…
وهكذا يتسلل الاستعمارمن محمولات دلالية لمقولات غير بريئة في مقاصدها .
فحين قال علي البخيتي ،و كان آنذاك عضوا قياديا في المكتب السياسي لحركة
أنصار الله،والمتحدث باسمهم-بأنه لايوجد لهم حاضنة اجتماعية في المحافظات
الجنوبية ،مطالبا بالانسحاب منها-كانت مقولته استعمارية وانفصالية بامتياز
،فاليمني الوحدوي يرى اليمن الوحدوي حاضنته ومجال نضاله نحو أفقه
العروبي…
والمشكلة أن ما بثه علي البخيتي بخبث ودهاء مبرمج تلقفه
العديد من قيادةأنصار الله بعفوية وبصيرة مغمضة،ورددوه في تبريرهم
لانسحابهم من المحافظات الجنوبية،ولو كانوا تعللوا بالقدرات المادية لا
بغياب الحاضنة الاجتماعية لكان خيرا لهم .فغير الوحدوي يرى حاضنته داخل
الجغرافيات النقية والمذهبيات الاصطفائية…
الايمان بالجغرافيا النقية والعرق الطاهر يؤدي إلى الايمان بالهضبة الممانعة والاصطفاء الرسالي،وكلاهما حديث خرافة يتم توظيفه في سياق تعدد أقنعة الاستبداد…
ويبنى على ذلك انتعاش مقولات الحواضن الاجتماعية الضيقة.