- د. عبدالعزيز علوان
لحظة يا زمن العنوان الذي اتخذه محمد المساح ليومياته بعد أن فُجع بسرقة العنوان الأول الذي كان يكتب تحت اسمه والذي صرح به ذات مقابلة أو لقاء لا اتذكره ولا أتذكر تاريخ اللقاء، صار هذا العمود هو الأشهر في صحيفة الثورة.
كنت أقرأ هذا العمود في صباحاتي المدرسية في ثانوية الكويت وحتى الجامعة، جمعت كل تلك الأعداد الصحيفة، ثم فرزت لحظات الزمن المساحي كقصاصات العمود اليومي، وظلت معي حتى باعدت بيني وبين صنعاء وظيفة التدريس وتركتها عرضة للضياع في البيت الملحق بمطعم ديلوكس أمام مستشفى الكويت والذي كان المساح أحد مرتاديه في فترات متباعدة.
تلازمات كثيرة ربطت لحظة يا زمن المساح، مع الطلاب والعمال والمزارعين (الرعية) والمثقفين وكل من يجيد أوليات القراءة والكتابة، ولعل أشهر عامل ارتبط بالمساح قراءة هو محمد عبده سعيد الزكري، والذي كان مدمنا على اقتناء صحيفة الثورة لأجل قراءة لحظة يا زمن وفقط لحظة يا زمن حتى أطلق على هذا العامل اسم المساح ومازال مشهورا بهذا الاسم في منطقة الزكيرة.
الدخول في تفاصيل اللحظات المساحية كما كنا نتابعها تتخذ من (الشارع والمقهى والمطعم والقرية والثور والحمار والاغنام التي عاد الى رعيها قبيل وفاته) مسرحا لقصائدها النثرية، فلقد كان المساح هو الرائي والمرئي في حميمية هذه التفاصيل.
بين مساح لحظة يا زمن وبين مساح البناء المعماري الزكري، الفة البناء اللغوي والبناء المعماري المتميز ، وبينهما من تفاصيل الأحداث اليومية فضاءات دلالية فريدة الجمال المتزامن مع انفاس المهاجل المصاحبة لأعمال البناء.
وكما كان للمساح في عموده اليومي الباحث والمتحدث الشعبي يوميات شخصيات عموده المتفرد، صار لمساح البناء المعماري الذي جاب معظم محافظات اليمن بناء معماريا متناسقا مع مهاجل البناء المصاحبة لها في أزمنتها الصباحية والمسائية.
في حدود علمي لم يرتبط اسم كاتب باسم عامل ليصبح هذا الاسم (المساح) علما من اعلام البناء المعماري اليمني بكل تشكيلات احجاره وشموخ ديمومته.
هذه من اعظم مآثر محمد المساح أن يكون له هذا الأثر البالغ لواحد من العمال الذين يجيدون صنع الجمال الابداعي بلمسات أناملهم وترنيمها بالمهاجل الشعبية.. وقلما نجد أثرا لكاتب من غير أبناء جلدته الثقافية والصحفية.
رحم الله محمد المساح اللحظة الزمنية التي ذهبت الى زمانية الخلد، وأمد الله بصحة وعافية المساح الزكري المعماري المتميز.
- تعز 21/4/2