- فارس العلي
عندما تقيم الجبال علاقة مع المطر تبتهج السهول والسواحل
مرة غاب المطر عن الجبل
عند عودته هذا الصيف
بكى الجبل حتى تهدجت أوجانه
من مخادعه أنهارت أحجاره وترابه
لم يستطع المطر التوقف
ضحكت الأحجار المتدحرجة من قلبها
واأنهار التراب من لذة اللقاء
بقي الجبل منتصبًا جامدًا
لم يفعل شيء للتأني سوى المزيد من الانجرافات الحميمية
آخر مرة نشب خلاف بين المطر والجبل
في السنة التالية جاء المطر بجدته السحاب
كان محملًا بمحيطات كآخر لقاء غزلي
حاولت عناصر الطقس والمناخ التدخل بينهما لفض الخلاف دون جدوى
كان الجبل ضامئ وقلبه مصمت من فرط الحنين والإشتياق لكائناته المنزلقة
شلالات عشيرة المطر استمرت في الانهمار والانهماك إلى أن تعرى الجبل
لم يترك في جسده شجرة ولا ذرة من تراب كبريائه
وحدها الأحجار.. ليس كلها فقد سمعنا قهقهة البعض منها يملئ ضجيجها أرجاء الأرض
هكذا ضحكة بعد أخرى إلى أن وصلت للوادي
الجبل عار من أي ستر، من أي شجرة تخضر عصافيرها قلق الأحجار الواجمة
لم تزره الفراشات إلا من باب التندر
لم تجس وجعه مزارع البشر، إلا من ضربات آلات المناشير
هاهو يصبح جزء من جدران المدينة مجزأ مشتت تعركه ملوحة الإسمنت
البيوت أبناء الجبل قال منزل صناعي متحرك
الغبار جِلد الجبل الذي يزوره في الأعياد والمناسبات التهامية
المستفيد الوحيد من فقدانات الجبال تلك القيعان والوديان
الكيان المحتضن والمضيف للإنزلاقات والانهيارات التي يخلفها المطر
هم الذين يضعون البحر سيدًا لكل ذلك التراخي في الأعالي
يستأثرون بخيرات التماسك الجبلي
هم الذين جعلوا من الجبل جامدًا تطير منه الكائنات ولا يطير.