حجيج من المواطنين لشراء الملابس المستعملة
- استطلاع: عمر القاضي
تزايدت أعداد محلات وبسطات الملابس البالية المستعملة القادمة من الخارج لتملأ الأسواق اليمنية خلال سنوات الحرب. والتي يقوم التجار باستيرادها وإدخالها بكل أنواعها لبيعها في الأسواق اليمنية.
فتشاهد خلال السنوات الأخيرة انتشار محلات بيع الملابس المستعملة بشكل كبير جداً في العاصمة صنعاء والمحافظات اليمنية الأخرى.
ويرجع ذلك لأسباب عدة منها: توقف صرف رواتب الموظفين منذ سنوات بسبب التحالف ونقل البنك. والحرب الاقتصادية على اليمن وتردي الأوضاع الاقتصادية عند المواطن اليمني.
وقد انعكست تلك الأسباب مباشرة على ضعف القدرة الشرائية للمواطن. وبدلا من الذهاب لشراء الملابس الجديدة والماركة أصبح أمام الأسر الفقيرة خيار أخير لشراء ملابس أطفالهم مستعملة ونظيفة بأسعار زهيده تناسب مستوى دخلهم.
ومع فصل الشتاء القارس وجدنا الكثير من المواطنين يتوافدون إلى شراء هذه الملابس المستعملة لتدفئة أنفسهم وأطفالهم.
أماكن الانتشار
تنتشر المحلات والبسطات والمعارض التي تبيع الملابس المستعملة البالية بأنواعها وأشكالها المتعددة ومعايير جودتها (بالية، ممتازة، بالية كربمة.. وجيدة إلى حدٍ ما)، وهناك إقبال كبير من المواطنين على تلك الأسواق ومحلات بيع الملابس المستخدمة.
ويتركز أماكن تواجد هذه المحلات في شارع القصر والتحرير وهائل وحي الصافية وباب اليمن في العاصمة.
ولا يعني أن هذه الملابس المستعملة أن تكون غير جيدة- لا بالعكس- فالبالية الكريمة تعتبر من أجود العينات المستخدمة والتي قد يكون 15٪ منها جديداً بالفعل. بينما لا تتجاوز نسبة استخدام الملابس المتبقية 7 – 10 ٪، وهذه لها سعر خاص عند شرائها في الخارج، حيث يكون سعر الكيلو ضعف سعر العينات الأخرى.
معظم الملابس المستوردة إما أن تكون جديدة أو شبه جديدة. أو ما يعرف عالمياً بـ “المايكروفايبر” وهنا يطلق عليها بـ(ستوك) وهو في الأصل ملابس جديدة. وماركات عالمية ولكن يتم تصفيتها من قبل المحلات والمولات والمصانع”.
وبحسب تصريح رسمي لوزارة الصناعة والتجارة في صنعاء، فإن قيمة الملابس المستعملة المستوردة قبل الحرب لا تتجاوز مليوني دولار سنويا، بينما ارتفعت بشكل كبير خلال الحرب إلى أربعة ملايين دولار.
أسعار زهيدة وماركات عالمية
يقوم بعض تجار الملابس المستعملة في استيراد بضائعهم من الصين والإمارات أو كوريا وتركيا، ومن إيطاليا وبلجيكا.
بحسب أحد التجار قال إن الملابس التي نستوردها من إيطاليا وبلجيكا تعتبر أفضل المصادر العالمية.
ويقول تاجر آخر للملابس المستعملة في صنعاء: إن المصدر الأول للتجار اليمنيين للاستيراد الملابس المستعملة هو كوريا الجنوبية وتركيا خصوصاً الجنزات والفنايل والجواكت والأكوات.
ويضيف التاجر قائلاً: نحن وبعض التجار نحرص على شراء بضاعتنا بجودة مقبولة، ولا نهتم ونفكر بالربح الكبير.
في الوقت نفسه مالك محل لبيع الملابس البالية ينافي ما قاله التاجر الأول عن الأرباح قائلاً: إن أغلب التجار يشترون الملابس المستعملة من الخارج بسعر التراب ويعودن يبيعونها في اليمن بأسعار مربحة ويستفيدون أضعافا. مشيراً إلى ان هناك تجارا يعتمدون على ما يصل إلى موانئ دولة الإمارات، والتي يكون سعرها أكثر بقليل من الشراء من مصادر عالمية أخرى.
كما أضاف أن الملابس القطنية التي نستوردها مناسبه للأطفال ومطلوبة لجميع الأعمار، وخاصة في فصل الشتاء، وحتى النساء تلبس العباءات الخليجية لأنها بضاعة جيدة ونظيفة، وأيضاً هروباً من ارتفاع أسعار المولات والمراكز الكبيرة.
وتابع القول: إن معظم ما نستورده جديد او شبه جديد، أو ما يعرف عالمياً بـ (المايكروفايبر) وهنا نسميه (ستوك)، وهو في الأصل ملابس جديدة، وماركات عالمية ولكن يتم تصفيتها من قبل المحلات والمولات والمصانع.
موضحاً أن هذه الملابس المستعملة تدخل اليمن في أكياس مضغوطة نسميها “بالة” ويعمل التجار على إزالتها وتوزيع كل قطعة حسب نظافتها وجودتها، وفيما بعد يقوم التجار بتحديد السعر المناسب لها.
كان الزوج محرجاً
اثناء زيارتنا لأحد محلات الملابس المستعملة في شارع هائل، لقد تفاجأنا بمحل مكتظ بالنساء اللائي يفتشن الملابس المعروضة ويبايعن صاحب المحل. كان هناك رجل خمسيني برفقة زوجته في المحل. اقتربت منه وسألته هل تأتي إلى هذا المحل لشراء الملابس المستعملة. لكن الرجل كان محرجا من السؤال والرد، وكانت زوجته جواره التي ردت عن سؤالي بدلاً عنه وقالت نعم: نأتي من وقت إلى آخر.. وسألتني لماذا أسأل؟ فقلت لها: لها مجرد سؤال.
ومن ثم تحدث زوجها معي: قائلاً: شاهد حولك الذين يأتون لشراء الملابس المستعملة وليس وحدنا. قلت له: صحيح. والملابس المستعملة جيدة. ليست جميعها سيئة. قال: صحيح والوضع أيضا أجبرنا على شراء هذه الملابس المستعملة.
بادرت لأطمئنه بالقول: كلنا نشتري منها لا عيب ولا هي مشكلة. وتابعت أعرف له عن نفسي بأنني صحفي وحلفت له أننا قبل شهرين استلمت نصف الراتب ومريت من جوار بسطة في لتحرير عليها ملابس مستعملة واشتريت سبع فنايل وكأنها جديدة ومن سعر ألف ريال. ولو ذهبت لشراء جديدة من المحلات فسوف اشتري الفنيلة الواحدة بسعر لا يقل عن أربعة آلاف ريال. وعندما طلبت منه تصويره. رفض ذلك. وتقبلت رفضه وغادرت المحل.
ليسوا الوحيدين
ليس تجار اليمن الوحيدين من يستوردون الملابس المستعملة من دول أجنبية عدة.
وبحسب ما قال لنا تاجر ملابس فإن هذا السوق ليس فقط محصوراً على اليمنيين أو الدول الفقيرة، وقال: ”سافرت خلال السنتين الأخيرتين لعدة دول ووجدت أن هناك تنافساً من عدد من التجار العرب وحتى الأجانب لشراء كميات الملابس المستعملة وهي تباع بالطن.
أضرار ارتداء الملابس المستعملة
لم ينفِ مستوردو الملابس المستعملة عن الأضرار والمخاطر الصحية من ارتداء المواطن اليمني للملابس المستعملة والأخطار التي تحملها الملابس والأدوات المستعملة.
والتي أغلب المواطنين قد يجهلها وينظر البعض إليها في اليمن على أنها تهديد للصحة والبيئة.
وفي تصريح طبي للدكتور ماهر المريش- عضو جمعية الأطباء الصينيين، عضو الجمعية الدولية والأوروبية لأمراض الأطفال الجلدية أن “البكتيريا الموجودة على هذه الملابس شديدة المقاومة للمضادات الحيوية، وبالتالي إذا لم يتم علاجها، فإنها ستبقى”. وتسبب الجراثيم الأمراض الجلدية وتنبعث منها أبخرة سامة إذا تعرضت للحريق.
واضاف المريش: “يجب تخزين الملابس المستعملة في مكان بارد لمدة 48 ساعة، ثم غسلها بالمطهر والماء الدافئ، واستخدام مكواة ساخنة على الجانبين. فيما تؤدي الملابس المستعملة التي تم تعقيمها بالمواد الكيميائية إلى تفاقم الإكزيما (حالة مزمنة من جفاف الجلد تسبب الحكة واحمرار الجلد) للأشخاص الذين يعانون منها”.