- كتب: د. عبدالعزيز علوان
كلمات: أحمد الجابري
غناء: أحمد أحمد قاسم
الشاعر أحمد الجابري، عَدَني المولد. والمنشأ، لم تقتصر قصائده المغناة على اللهجة العدنية، التي كانت أحد الملامح الرئيسه لتأسيس الهوية العدنية، بل تعدتها إلى لهجات أخرى، التعزية (الحجرية) الصنعانية، اللحجية، والحضرمية وغيرها، وقد أجاد في كل لون، اجادة لا نظير لها، متخذا من شعره العمودي الرفيع المستوى، مرجعا بارزا لهذا النوع.
وكأصدق ما تكون العاطفة الإنسانية، تحدثت اغاني الجابري التي، نقتطفها من ديوانه (عناقيد ملونه)، عن صبر المرأة ولوعتها، ولظى شوقها، وانتظارها الذي يتجاوز اللاعودة في بعض الاحيان.
ففي غنائية الجابري، عدن …عدن
نجد التمني، واضحا، لتلك النفوس التواقة، للقاء الحبيب (زوجا، أبا، أخا، أو ابنا)، هذا التمني لقصر المسافة بين القرية النائية وعدن، ليته (مسير يوم) لأن المسافة كانت تقطع مشيا على الأقدام وتستغرق أكثر من يوم قبل دخول السيارات (لاند روفر او عنتر ناش)، المسير ليلا هو للتخفي عن أنظار الآخرين لبلوغ هدف ما، يحقق الغاية المنشود أحيانا، ويأتي في الهروب من شدة حرارة الجو نهارا إذكانت معظم الاسفار تتم ليلا..
عدن عدن يا ريت عدن مسير يوم
شسيربه ليله ما شرقد النوم
يأت الشوق معلنا عن ذاته، بذكر السنين التي مرت، لهذا الصبر الممتد بين الفراق والعودة، إنه توجع الصبر الذي قد ينهار لعدم قدرة القلب على تحمله.
اشتقت انا كم لي سنين شاصبر
من يوم سرح قلبي انا ما شقدر
التفاعل مع الطبيعة، بل والتوحد فيها، أحد ملامح الرومانسية، تمن آخر للأغنية القصيدة، بحرف التمني (لو) كان للشاهد الشعري جناح أثناء مرور هذا الغمام (السحاب)، الذي يقال أن عدن قباله (أمامه)، لطارت معه الأغنية ليس لملاقاة الحبيب، ولكن لتلمح طيفا من خياله..
مر الغمام قالوا عدن قباله
لو به جناح شاطير اشوف خياله
ليس المقصود هنا بطير الحمام، هو الطائر، فالمقصود هو، النساء والفتيات اللائي يصعدن الجبال للاحتطاب، ويجدن في هذه الخلوة مكانا آمنا للبوح والبكاء والسؤال عن مدى غياب هذا الحبيب.
ربما كل واحدة تسأل الأخرى عن مدى هذا الغياب.
طير الحمام تبكي بنار عذابه
فوق الجبال تسأل عن غيابه
(الجاح) جبل في حيفان يطل على أكثر من منطقة (وجه المليح طلعت قمر على الجاح) ولذا عندما تكتمل صورة القمر، في سمائه، فتلك هي وجه الحبيب المتخيل، بكل ابتسامات نوره، الذي يضوي الصباح من بسمته (فقط عليك أن تتخيل ظهور القمر في سماء صافية من خلف هذا الجبل)، لتدرك جمال الروح واللحن والأغنية.
وجه المليح طلعة قمر على الجاح
يضوي الصباح من بسمته ويرتاح
السمر الذي تحلو الليالي به، ويهنأ الاحبة بمسامرته، مع العود الأخضر وأظنه يقصد القات، ويأتي الخطاب هنا مَوَجها الى آخر، لتذكير الحبيب بتأخره عن العودة للسمر.
محلى السمر جنبه وعود أخضر
إن قد نسى قله لمو تأخر
الأبعاد الثلاثة للزمن هي الماضي كذكريات، المستقبل كتخيل، المضارع كأحاسيس ومشاعر مدركة آنيا، ولأن الانسان يتذكر الاشياء الجميلة التي مرت به، كأيام الطفولة، ومراتع الشباب، فإن هذا المسافر، الذي طال بقاؤه في عدن يشتاق لأيام الجهيش والخير والمحاجين.
شوقي انا للأمس شوق إنسان
شوق الجهيش للخير فوق محجان
تأوه مكبوت بسؤال استنكاري (كم له سنين)، تُرى هل يُسمع هذا الصوت، فالدمع أصبح غير مفيد، ولا الحبيب قادر على العودة (يرجع).
غائب سنين ياليته يسمع
لا الدمع يفيد ولا الحبيب يرجع