- سلطان عزعزي
طاقية الإخفاء ليست محتكرة على السحرة وحدهم.. أعرف البعض من الأدباء يجيدونها… إنهم يمتلكون طاقية اخفاء من نوع فاخر..إنهم لايخبرونك عن جمال بعض اصدقائهم ومناقبهم أو يكتبون عنهم وهم أحياء!!
لاينبسون ببنت شفه.. ولايهدرون قطرة حزن عليهم حين يصلبهم المرض على سرير المعاناة وتصبح الحاجة ملحة لكلمة مؤاساة عاجلة.. أو نداء استغاثة.. من شانها الحث على المساعدة في تجاوز وضعهم الصعب وحاجتهم للتدخل والعلاج والتشافي !!.
ليتهم يفعلون شيء من ذلك..وبدلا من النحيب فقط في تلك اللحظة للكتابة عنهم ..حين يتأكدوا أنهم فارقوا الحياة تماما، وتكبدوا معاناة طويلة مع المرض، بدلا من ذلك التسارع إلى الكتابة عنهم بتلك النبرة من الحزن. وتحت ذلك السقف من الشعور بلوعة الفراق ووجع الرحيل.. التي تمتلئ بها منشورات التعازي وهي مطرزة بعبارات الألم ومسكونة بفجيعة الافتقاد.. ومثقلة بمديح مناقب أصدقاءهم الراحلون في الحياة.
ماذا لوتحولت هذه التعازي والنحيب لحظات الفراق إلى نوع من التعاطف النبيل والمساندة الانسانية لهم حين احتاجوا لكلمة ومساندة تخفف عنهم أثقال المرض والعزلة والمعاناة في الأوضاع والأوقات الصعبة.. فبعضهم كان يحتاج إلى نداء ومناشدة صادقة بالمساندة والعون.. أو كلمة طيبة تخففه عنه شدة عابرة.. أو وجع ثقيل .. أعرف كثير من اصدقاء في الوسط الأدبي تشتد عليهم وطأة الظروف و الآلام وظلوا يعانون بصمت وإباء وعزة نفس.. ورحلوا من بيننا بصمت.. عاشوا تحت ضربات مطارق.. المرض ووجع الحياة.. بعد إن أقفلت أبوابها عدد من الموسسات الثقافية وتوقف نشاط بعضها.. التي كانت تسد بعض من فراغ حاجتهم في بعض الظروف الصعبة… أعرف الكثير منهم من فقد راتبه……وتشتتت حياته…ونهشت العزلة والحرقة دم قلبه وصوته … أعرف بعضهم فقد كل مايسنده للبقاء واقفا وآخر.اصابه المرض.. انعزل وتاه…وحيدا…موجوعا…مشردا… أعرف البعض صار منحني الظهر بعد ان أثقلت وجوده وضهره جبال من الأوجاع… ووقفت فوق قلبه وعقله.. ناطحات سحب من الآلام..!!؟.
لكن هذا ليس كل شيء.. أعرف البعض من الأدباء أيضا مايزال ملتصقا بإنسانيته… يرفع صوته وحرفه بين الحين والاخر…متوجعا لهذا الانسان هنا وهناك.. فاتحا للنور حفرا وللأمل أبواب عند كل نفق.. تحية لمن يرسلون ضوء قلوبهم وعاطفتهم.. وانسانيتهم.. منتصرين للحياة وللانسان أينما وجد!!.