قصة قصيرة
- عزالدين العامري
(1)
تتلفت يمنة ويسرة ، التَلَفُتُ وحده سيشكل حائطًا صلبًا يمنع عنك عيون المارة المفتوحة على مصراعيها، وسيعفيك من الاعتذار غير المبرر للمارين من جانبك دون أن يحسوا بك، لا يحسوا بك. ليس لأنك غير موجود، لكن لوجود جدار إسمنتي يفصل بينك وبينهم، سينتابك ما ينتاب أي متلصص مثلك، دائمًا ما يطلي وجهه بمساحيق كاذبة كعدم إيذاء الآخرين لكنك حسب قناعتك المهترئة تتحسس المبررات التي تلتقطها أصابعك، ثم بعد ذلك تذوب أمام أي امرأة عابرة.
(2)
للتلصص لذة مثيرة، لا يعرفها إلا متلصص مخضرم مثلك، متلصص تستهويه المؤخرات الكبيرة، واللدنة التي تتماوج هنا وهناك، كي تحرك صخرة الشهوة بداخلك، وتجبرك على القيام بشيء خطير، لم تقم به منذ مدة تتحرك قليلًا إلى حيث الضلال المكتوم بجانبك كصديق غلبه النوم، تشتم رائحة امرأة قد تكون هناك في الشارع أو في البنايات المتراصة بغير ترتيب أو تنسيق تضع إحدى عينيك في الثقب الصغير القابع في منتصف الجدار، لكنك لا ترى سوى خيالات كثيرة، ثمة نساء جميلات بملابسهن الشفافة، خيالات نساءٍ لا وجود لهن إلا في عقلك الباطن المحاط بالنساء، تشعر بالتعب فتغير عينك المتعبة، تضع الأخرى على الثقب، تنظر في الثقب، وأنت منحني الظهر، تترك أصابعك آثارها على الجدار الآيل للسقوط، ورغم انحنائك المتعب والمؤثر على عمودك الفقري الذي تشكو منه عادة إلا أنك تواصل النظر من خلال ثقبك المحبب، تتراءى لك أشياء تتحرك بالنقطة المقابلة لعينك المفتوحة والمترصدة لكل شئ قد يقع هناك.
تحمر عيناك حين يتسرب إليها بعض الغبار، تسحب يدك المتوسدة للجدار وتفرك عينك ثلاث فركات متتالية، حتى تعيدها إلى الثقب مرة أخرى، وكمحارب عنيد لا يتسرب إليه اليأس أبدًا، تنظر من جديد إلى النقطة المحددة، موهمًا نفسك التواقة إلى ظل امرأة، بأنك ستجد مبتغاك هذه المرة كما تفعل دائماً لكنك لا تجد سوى اللا شئ تهمس – سأستريح قليلاً.
تجلس واضعًا مؤخرتك على الأرضية الأسمنتية الباردة فتشعر بخدر يتسلق جسدك الهزيل تتساءل: يا ترى كم الوقت الآن؟
لا يهم، ترد على نفسك ببرود، ربما تسرب عليك من إحدى الثقوب الموجودة في جسدك.
(3)
……….، ……….، ……….، ……….، ……….، ……….، ……….، ……….، ……….،
……….، ……….، ……….، ……….،
(4)
ترى.. أو بالأصح تتراءى لك أشياء كثيرة، ومع ذلك تتعامى عن النظر إلى نفسك، وعن كونك مجرد (متلصص) بليد، لا هم له سوى التهام أجساد النسوة، بعينيه الجائعتين، مجرد متلصص، لا يملك من الدنيا سوى عينين واسعتين فقط.