- كتب: عبدالحكيم الفقيه
الورقة الخامسة
المذكرات توثيق للتاريخ وعرض تجارب حياة حقيقية للأجيال كي تتعلم من ايجابياتها وعدم تكرار سلبياتها. وهي شهادة ذاتية على أحداث ذات أثر في مجرى أمة أو مجتمع، وهي معرفة مضافة لمعرفة المتلقين، وهي تصوير مجتمع ما في حقبة ما لخلق متعة وتشويق عند الاجيال الجديدة على طبيعة ومعاناة الاسلاف.
ولقد تراجعت المذكرات الأدبية لصالح المذكرات السياسية والعسكرية بسبب تململ العالم وهيمنة السياسة والصراعات والحروب على كافة المشاهد.
والجدير بالذكر أن كتابة المذكرات ليست حكرا على طبقة ما او فئة عمرية، فهناك من يكتب مذكراته مبكرا وهناك من يكتب طاعنا في السن بعد تراكم الخبرات والمعارف.
تتطلب المذكرات ذاكرة قوية تلم بأصغر التفاصيل ولغة سردية لا تخلق الملل والرتابة، وحبكة تصل الى الذروة كي تثير وتشوق القراء الى معرفة مآل الحدث ،وتتطلب هيكلية شد الانتباه والتركيز، وتتطلب الماما تاما بكل زوايا الحدث، وبعض المذكرات تتكيء على مدونات ويوميات مسبقة وبعضها ترفق صورا إلى جانب السرد.
قد تأتي المذكرات على شكل مجموعة قصص عاشها الكاتب في بلدة ما وكتب عما شاهده وعن اهم الشخوص الذين قابلهم وماذا قدم لهم وماذا أخذ منهم. وقد يكتب المؤلف عن فترة طفولته وكيف اثرت على مسار حياته وقد تأتي في شكل رحلات طبيعية او تجربة مريرة في السجن او المنفى او تجارب عاطفية مؤثرة. باختصار كافة مضامين الحياة قابلة ان تكون مواضيع مستقاة لعمل اجمل المذكرات وأكثرها قدرة على الانتشار ومعانقة الفرادة والتميز والخلود.
***
تتبع غدا الورقة السادسة.