- عمار الأصبحي*
يصادف اليوم ال 19 من أغسطس اليوم العالمي للعمل الإنساني، وهنا أجدني أتذكر أخي وصديقي الثائر شهيد العمل الإنساني، والذي سقط شهيدًا شاهدًا على اللحظة الكارثة، وهو يؤدي واجبه الإنساني في اسعاف المصابين أثناء اشتعال جبهات القتال مطلع 2015 ويعد حقيقة من أوائل شهداء العمل الإنساني في مدينة تعز.
انه الطبيب الثائر عبدالحليم عبدالإله الأصبحي، حيث كان هناك.. انسانًا بقميصه الأبيض تتدلى على رقبته سماعة طبية، وعلى كتفه حقيبته الإسعافية، يحمل قلبًا نابضًا بالحب وروح تواقة للحرية.. يوزع ابتسامته وضحكته المعهودة على الجميع أملًا كعادته.
لم يكن يرتدي حزامًا ناسفًا أو على كتفه كلاشينكوف ومجعبًا بالذخيرة.. حليم لم يحمل مسدسًا قط أو حتى سلاحًا أبيض، هو مسالم منذ أن عرف الحياة.. لكنه متمرداً بطبيعته يحب الناس والحياة.. عُرف ثائرًا في ساحات الحرية بتعز آبان ثورة الحادي عشر من فبراير، ومن أوائل ثوارها الأحرار الذين أشعلوا جذوة الثورة وقادوا لاحقًا بأقدام وإقدام كبير أهم حدث ثوري سلمي وهو مسيرة الحياة الخالدة، تلك المسيرة الراجلة التي ألغت نمطية المسافة، وحطمت جدار العزلة بين مختلف المناطق والمحافظات اليمنية، فأدهشوا بها العالم وهي تنزفهم ورفاقه متجاوزة الخطوط الحمراء نحو كسر قداسة المركز..
وهكذا.. توالت الأحداث عبثًا وانحرف المسار الثوري، فتوارى الشباب في جراحاتهم؛ منهم من أنكفأ قهرًا ومنهم من ذهب بحثًا عن مصلحته الخاصة، بينما ظل حليم هنا/ك في العمق حليمًا اسما على مسمى، مستوعبًا اللحظة مؤمنًا بأن ثورة فبراير الشبابية السلمية هي الفرصة الأخيرة لبلد تشبع بالقهر ولم يعد يحتمل مزيدًا من الهدر، وأي محاولة لاجهاضها بالتأكيد ستكون عواقبها كارثية، وهذا ما حدث فعلًا مع الأسف.
بقي حليم كعادته قابضًا عالجمر ثائرًا لم يصبه اليأس رغم العبث الثوري والجراح الطافحة، ليعود إلى مدينة تعز وفي داخله تغتلي ثورة أخرى، يمارس مهنته الطبية في مستشفى الثورة يقدم خدماته للناس ويحاول إعادة البسمة في شفاه المرضى وزرع الأمل..
ولكن في يوم الأثنين الموافق 20/4/2015م، وبينما حليم هناك يقدم خدماته الطبية اسعافًا للجرحى والمصابين جراء الحرب الدائرة في تلك المدينة المنكوبة، بالطبع لم يكن يعلم أنه سيكون هو ذاته أحد ضحاياها حتى أمطر أحد القناصة رصاصاته نحو السيارة التي تقله ليسقط الثائر الطبيب مضرجاً بدمائه شهيدًا للعمل الإنساني.
….
سلام عليك يا حليم،
لقد عشت ثائرًا مؤمنًا بالحياة.. حليمًا اسمًا على مسمى نبيلًا صادقًا مع نفسك ومع الآخرين رغم قسوتهم إنسانًا حتى علوت مكللًا بالشهادة.
من حقك اليوم أن تزهو وتبتسم في الأعالي.. بك سننتصر لا شك سننتصر.
المجد والخلود لروحك الطاهرة يا صديقي
والموت والخزي والعار للقتلة وتجار الحروب.
- رئيس التحرير