- عارف الدوش
النجاح والفشل .. التوفيق والتعثر .. الإنكسار والجبر .. الحزن والإبتسامة .. البكاء والضحك .. السقوط والنهوض .. كل ذلك من طبيعة الحياة البشرية وتقلباتها وصراع أضدادها و وتنافر وتقابل وتكامل ثنائياتها ..فكل ما سبق هو ما يجعل للحياة معنى ..! فالأشياء خلال حياتنا لا نعرفها إلا باضدادها .. فخلال حياتنا وتجاربنا فيها هناك أوقات وتجارب نشعر فيها انها النهاية الصعبة القاسية وأنه التعثر أو ما نطلق عليه الفشل الذريع وأن جميع الأبواب أغلقت أمامنا .
فحينما تصل في تجاربك الحياتية إلى نهاية محددة ودرب نهايته التعثر أو مايطلق عليه الفشل .. اغلقه وتوقف قليلاً للراحة والتأمل والمراجعة والتقييم الشامل منذ البداية حتى النهاية التي كشفت لك التعثر أو ما يسمى الفشل لعلك تُرشد إلى بعض الثغرات التي وقعت فيها .
فالتوقف هو للمراجعة والتقييم والنظر الى الأمر من زوايا متعددة سيكشف لك أن تلك النهاية التي كانت صعبة وقاسية وتلك الأبواب التي رأيتها مغلقة هي المدخل إلى بداية جديدة صنعتها نهاية لم تعجبك وصفتها بالصعبة والقاسية والمؤلمة وكادت أن تقذف بك نحو هاوية سحيقة وربما كادت تحولك الى ما تكره بل رأيتها انها سرقت منك النجاح والفرح والأمل .. الأهم لا تيأس ولا تستسلم .. فلعل فشل وتعثر وإنكسار اليوم هو نقطة إنطلاقة جديدة في الغد .
لكن كن حذراً في أمر التوقف للمراجعة والتقييم مارس النقد بموضوعية وليس بقسوة وجلد ذات .. قم بالمراجعة والتقييم والنقد لمرة أو لمرتين أو لثلاث .. وإياك .. إياك أن تطيل التوقف فأنت خلال المراجعة والتقييم وممارسة التفكير الناقد سترى نوراً يشع من داخلك وستلمع في ذهنك فكرة لصنع بداية جديدة .. سجلها في ورقة أو في الهاتف لا تهملها.. وقد تتقافز الأفكار الجديدة سجلها وأهتم بها وأبدأ التخطيط والإعداد بهدوء بحسب الأمكانيات والقدرات وركز وأنت تخطط لبداية جديدة على نقطة جوهرية ملخصها الإمكانيات والقدرات .. فأغلب النهايات المتعثرة أو الفاشلة الصعبة والقاسية تكون بسبب طموح زائد ترافقه أمكانيات وقدرات محدودة .. أو العكس أمكانيات وقدرات ينقصها الطموح اللازم .
.. وحين تقرر بدء السير في الطريق الجديد تكون قد صنعت بداية جديدة وخلال السير في الطريق الجديد لا تنسى قصة تعثرك أو ما قيل لك أنها تجربة فاشلة .. دعها حاضرة في ذهنك حتى لا تكرر فعندما تجعل شيئاً ما حاضراً في ذهنك واذهان من حولك خصوصاً من لهم علاقة تنفيذية معك في الطريق الجديد أو البداية الجديدة .. لكن إياك ثم إياك أن يُحدث ذلك الحضور للتعثر أو التجربة الفاشلة أي درجة من درجات التردد أو التشكيك في صحة وأهمية ووجاهة الطريق الجديد أو البداية الجديدة .. بل إجعل ذلك الحضور يصبح أمراً هادئاً أستعدته للعبرة والعظة والإستفادة ليس إلا .. وأجعل شعارك في هذه الحالة ” إتعظ وأعتبر وصحح المسار ” .
أما عندما تخفيه وتحاول نسيانه فأنت تخزنه في ذهنك في ذاكرتك فيستقر في اللاوعي أو بتعبير أخر يستقر في الباطن وعند أي مشكلة أو عائق مهما كان صغيراً وغير مؤثر يؤدي الى إستيقاض ما تم إخفائه ومحاولة نسيانه فيصنع الخوف الذي ينتج التردد والتشكيك فيتراكم التردد والتشكيك ليصنع التكدر والضيق والتبرم ويتحول كل ذلك الى مصدر إعاقة تم صناعته من قبلك وسيؤدي الى إتخاذ قرارات خاطئة وبالتالي سيصنع نهاية صعبة وقاسية جديدة وتعثراً جديداً وتجربة ثانية فاشلة .
نحن في مشوار حياتنا وتجاربنا فيها نحتاج أن نتعلم من تجاربنا كيف نحول النهايات المزعجة إلى بدايات جديدة .. ونحتاج أيضاً أن نتعلم من تجاربنا الناجحة كيف نصنع بدايات جديدة ناجحة أيضاً لننطلق الى نهايات ناجحة جديدة ولا نكتفي بنجاح التجربة السابقة ونظل نتغنى بها ونقف عند ذلك النجاح ونكتفي به .. لكن علينا أن ندرب أنفسنا كأفراد وجماعات ومؤسسات ودول لتحويل النهايات إلى بدايات بشكل مستمر فالحياة لا تتوقف ولأن الحياة كلها سلسلة بدايات ونهايات .. فالبدايات تصنع النهايات والنهايات تصنع بدايات جديدة .. ولكم لا تشابه ولا تكرار … وإنما إبداع وتجديد وتجدد ورقي وتقدم وإزدهار …
والسلام ختام
__